تونس أو بريطانيا.. سليمان الريسوني و حرمُه يمتطيان مركب الفيسبوك الورقي و يستنجدان بالدول الأجنبية (كاريكاتير)

إنها لغريبة تلك الحالة التي تجعل من الإنسان رمزا يشار إليه بالأصابع و تلوك اسمه الألسن، و يتحول إلى مجرد ظل يبحث عن أفق ضائع، هكذا هو حال الصحفي سليمان الريسوني، الذي ارتأى أن يجعل من نفسه محورا للحديث الهامشي، ليس بسبب جرأته أو قلمه الحر كما يدعي البعض، بل بسبب اختياراته العبثية وميولاته “الشاذة” التي تدفع به بعيدا عن وطنه الأم.

الريسوني الذي لم يكن يوماً مدافعاً حقيقياً عن الحريات، بدا جليا أنه استغل الخطاب الحقوقي كأداة طيّعة لتحقيق أهداف شخصية بالترويج لرواية مضللة عن الوضع في المغرب، محاولاً إقناع الرأي العام الدولي بأنه ضحية اضطهاد سياسي، في حين أن الواقع يعكس صورة مغايرة تماماً، فقد وجد سليمان نفسه في موقف شديد الحرج عندما انفجرت فضيحته الجنسية لأول مرة حين قرر اليافع “آدم” الخروج للإعلام، ليظهر لنا حقيقة صحفي سوّق لنفسه صورة المدافع عن الحقوق و الحريات، متقمصًا دور المناصر للقضايا العادلة، بينما كانت حقيقته على النقيض تمامًا، إذ تورط في هتك عرض شاب بريء، مستغلًا ثقته بعدما أوهمه أنه بصدد إعداد تحقيق صحفي حول مجتمع “الميم”.

لقد بلغ سليمان الريسوني دركا سحيقا من اليأس، فراح يتخبط بين أوهامه، متشبثا بخيوط واهية من التبرير، و الفرار من الحقيقة التي تطوق عنقه كطوق من نار و بدلا من مواجهة عواقب انحرافاته، آثر أن يلقي باللائمة على غيره، متهما الأجهزة الأمنية بفبركة ملفه القضائي متخيلا أن هذه المؤسسات هي سبب بلواه.

و مثل جميع من سقطوا في فخ أكاذيبهم، لم يدرك هذا “السكّير” أن الأضواء التي كان يلهث وراءها ذات يوم ولا الشعارات التي كان يرفعها ولا حتى القصص التي كان يحيكها، هي نفسها التي فضحته عند أول اختبار وجعلته يقضي ردحا من الزمن وراء القضبان قبل أن ينال عطفا ملكيا.

و بدل من أن يكون العفو الملكي بداية لصفحة جديدة و مبادرة للاعتراف بالذنب و تطهير صفحته و مصالحة ضحيته، فضّل الريسوني التصلب لمواقفه العدائية و الإصرار الأعمى على عض يد الخير التي مدت إليه في ساعة العسرة بالتطاول على شخص الملك غير مكترث بأن التمادي على رمز البلاد الأسمى ليس سوى سقوط جديد في هاوية الغدر والخيانة بتطبيل و استحسان من أقرب مقربيه مثل زوجته خلود المختاري التي استفادت أيما استفادة من قضيته جعلتها تصول و تجول العالم بأسره.

أما عن اختيار سليمان الريسوني الاستقرار في تونس فلم يكن مجرد صدفة أو اضطرارا، بل كان انعكاسا لرغبة في الاحتماء ببيئة تتماهى مع تناقضاته. فتونس، التي تعرف بتسامحها مع الحريات الفردية وعلى رأسها المثلية الجنسية، بدت له محطة مناسبة للهروب من تداعيات فضيحته، في انتظار تجهيز نفسه لعبور المتوسط صوب أوروبا و بريطانيا على وجه التحديد.

إن البحث عن اللجوء في بلدان أجنبية و على أسس واهية لا يعدو أن يكون انتحارا معنويا من طرف الريسوني، فمن تاجر بمظلومية مصطنعة، سرعان ما سيجد نفسه سجين تناقضاته، غارقا في دوامة الأكاذيب التي نسجها بيديه، غير قادر على مواجهة مرآة الحقيقة، إذ أن اللجوء السياسي، بمفهومه العميق، حق يمنح لمن تعرض للقهر الحقيقي، لمن سلبت منه حقوقه دون ذريعة قانونية، أما أن يتحول إلى مطية للفرار من استحقاقات المحاسبة، و يستغله كل مغتصب “حكار” فتلك إساءة لكل لاجئ فعلي، و كل صاحب معاناة صادقة، ممن لم يملك رفاهية الهروب على متن قارب الأحلام الكاذبة.

و عليه فإن الريسوني سيجد نفسه مجرد ذكرى عابرة في سجل من سبقوه في ترويج الوهم، و سينتهي به المطاف كأحد الأسماء التي وظّفت قضية حقوق الإنسان لمآرب شخصية، قبل أن تُطوى صفحتهم وينساهم التاريخ، لأن الحقيقة، مهما تأخر ظهورها، تبقى أقوى و أجسر من أي محاولة للخداع والتضليل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى