من هذيان محمد حاجب إلى خرافات فريد بوكاس.. أكاذيب بلا حدود ضد المخابرات المغربية

لا يتوقف الإرهابي محمد حاجب، عن استغلال أي شخص يمكنه إضافة جرعة جديدة من الأكاذيب إلى حملاته التضليلية. آخر فصول هذا العبث كان استضافته للمدعو فريد بوكاس، الذي حاول تقديم نفسه كـ”خبير استخباراتي” يحمل “معلومات حصرية” عن مهدي حيجاوي. غير أن النتيجة كانت كارثية، إذ كشف الحوار بينهما مستوى غير مسبوق من الجهل والتلفيق، جعل حتى أضعف المتابعين يدركون حجم الهراء الذي يتم ترويجه.
أبرز الأكاذيب التي نشرها بوكاس، تحت أنظار حاجب، تتعلق بمسيرة مهدي حيجاوي المهنية. فوفقا لزعمه، فإن حيجاوي اشتغل في جهاز المخابرات الخارجية المغربية DGED لمدة 20 سنة، وهو أمر مستحيل. الواقع يؤكد أن حيجاوي لم يكن سوى موظف بسيط، طُرد سنة 2010 بسبب أخطاء مهنية جسيمة وعلاقات مشبوهة. إذا كان هذا الطرد قد حصل حين كان عمره 37 سنة، فهذا يعني أن التحاقه بالمخابرات وفقا لحسابات بوكاس تم عندما كان في 17 من عمره فقط! فهل يعقل أن توظف المخابرات مراهقا؟ أم أن بوكاس يعتقد أننا في عالم خيالي؟
بل الأسوأ من ذلك، زعم أن حيجاوي كان قبل ذلك عميد شرطة في المديرية العامة للأمن الوطني DGSN. هذا الادعاء يعني أنه اجتاز اختبار الشرطة وهو بعمر أقل من 15 سنة، ثم أكمل التكوين وعمل لعدة سنوات قبل أن ينتقل إلى المخابرات! هذه الفرضية، التي تصلح فقط لفيلم خيال علمي سيئ الإخراج، تكشف مدى جهل بوكاس بأسس الأجهزة الأمنية ومسارات التوظيف فيها.
لم يتوقف بوكاس عند هذا الحد، بل واصل غرقه في الأكاذيب بادعاء أن حيجاوي تلقى تدريبات استخباراتية في CIA والموساد والشاباك والمخابرات الفرنسية، لكنه سرعان ما فضح نفسه حين بدأ في تسمية الأجهزة الأمنية بطريقة خاطئة:
قال إن المخابرات الخارجية الفرنسية هي “LA DST”، في حين أن DST هي جهاز داخلي سابق، تغيّر اسمه لاحقًا إلى DGSI، أما المخابرات الخارجية فهي DGSE. هذا خطأ لا يرتكبه حتى هاوٍ في المجال، فكيف بمن يدّعي أنه “خبير استخباراتي”؟
عند حديثه عن تدريب حيجاوي في المخابرات الإسرائيلية، زعم أن الأخير تدرب في Shin Bet وليس في Shabak، مدعيا أن Shabak هو مخابرات عسكرية تابعة للجيش! في الواقع، Shin Bet وShabak هما نفس الجهاز، حيث أن “Shabak” مجرد نطق مختصر لاسم “Shin Bet” العبري (Sherut haBitahon haKlali) والذي يعني “جهاز الأمن العام”، أما الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية فاسمها “أمان” (Aman). هذه الأخطاء البدائية تدلّ على أن بوكاس لا يفقه شيئا في هذا المجال، ومع ذلك يصرّ على تقديم نفسه كـ”موسوعة استخباراتية”.
ما فعله بوكاس وحاجب مع ملف حيجاوي ليس مستغربا، فهو امتداد لسلسلة الأكاذيب التي تورط فيها بوكاس سابقا. فالرجل، الذي كان يدّعي سابقا أنه عميل سابق في DGST، لم يكتف بذلك، بل صار يزعم أنه كان يدخل القصر الملكي بحرية، وأنه كان على علاقة بكبار المسؤولين الأمنيين!
وفي واحدة من أكثر كذباته إثارة للسخرية، روّج لفكرة أن الأميرة سلمى قُتلت ودُفنت داخل القصر الملكي، بل وزعم أنه يمتلك صورا للمقبرة “السرية”! هذه الأكاذيب، التي لم يكلف نفسه حتى عناء تقديم أي دليل عليها، تحولت إلى مادة للسخرية، لاسيما بعد الظهور المتكرر للأميرة في أماكن مختلفة داخل المغرب وخارجه، ومع ذلك لا يزال بوكاس يصرّ على تقديم نفسه كخبير مخابراتي، مدعوما من حاجب الذي لا يجد حرجا في نشر هذه الخرافات.
استضافة محمد حاجب لشخص مثل بوكاس تكشف حقيقة استراتيجيته الإعلامية. الرجل، الذي احترف الكذب والتضليل منذ خروجه من السجن، يعلم أن تكرار الأكاذيب قد يجعل بعض المتابعين يصدقونها، لذلك فهو لا يتردد في فتح منصته لأي شخص مستعد للمساهمة في مشروعه الدعائي، حتى وإن كان فاقدا لأبسط مقومات المصداقية.
قضية مهدي حيجاوي هي مجرد نموذج آخر لحملة التضليل التي يقودها حاجب، والتي تعتمد على تسويق الأكاذيب عبر وجوه مغمورة تبحث عن الشهرة. هؤلاء الذين يتسترون وراء شعارات حرية التعبير ومحاربة الفساد لا يتورعون عن استخدام التضليل والكذب الفج، حتى ولو كان واضحا للجميع أن مزاعمهم لا تصمد أمام أي تحليل بسيط.
إذا كان محمد حاجب يظن أن بإمكانه تسويق هذا النوع من الأكاذيب، فهو يقلل كثيرا من وعي الرأي العام. فالرواية التي قدمها مع بوكاس لا تصمد أمام أي تدقيق، بل إنها تكشف زيف هذه الشخصيات التي تحاول تصدير نفسها كـ”معارضين”، في حين أنهم مجرد مرتزقة إعلاميين يعيشون على تجارة الإشاعات والافتراءات.
إذا كان هؤلاء هم “المصادر الحصرية” لحاجب، فلا غرابة أن تتحول خرجاته الإعلامية إلى مادة للسخرية بدل أن يكون لها أي تأثير حقيقي.