أهل الفجور و الخمور يعبثون بقدسية أهل القبور (كاريكاتير)

إن توقير حرمة الميت هو من القيم الإنسانية الراسخة التي تعكس نبل الأخلاق ورقي المجتمعات، وهي الخصلة التي حثت عليها جميع الديانات السماوية، خصوصا الشريعة الإسلامية التي تؤكد على ضرورة احترام الفقيد المسلم سواء بالتعجيل بتغسيله و دفنه أو الدعاء له بالرحمة و المغفرة.

بيد أننا و في ظل العصر الرقمي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، بات البعض يتجرّد من هذه القيم ويستبيح ذكرى الموتى وعائلاتهم، إما بدافع التساؤل أو رغبة في إثارة الجدل.

لقد أبانت وفاة الشاب سفيان البحري، مالك الصفحات الاجتماعية الخاصة بنشر صور العائلة الملكية، عن معدن عدد كبير من “المتآمرين” و بدلا من احترام مشاعر عائلة الراحل التي تعيش لحظة صعبة إبان فقدان فلذة كبدها، ارتأى هؤلاء “المختلون” استغلال الحدث لقضاء مآرب شخصية و إخراج كل أوجه الغل الدفين و الحقد الناقم ضد الدولة المغربية من خلال نسج روايات وافتراضات غير مستندة إلى أدلة.

إن إلقاء التهم العشوائية والترويج لنظريات المؤامرة حول أسباب وفاة سفيان البحري من شأنه المساهمة في نشر الأكاذيب و الإكثار من التشويش العام لا غير،  ناهيك عن تحويل البعض إلى “محللين” و”خبراء” في التشريح والطب الشرعي، معتمدين على معلومات سطحية وتحليلات غير علمية.

و لا غرابة أن يكون مصدر هذه “الخزعبلات” أولئك الذين اعتدنا مشاهدتهم يتبجحون بكونهم معارضين، حقوقيين أو صحفيين.. في حين أنهم يندرجون في خانة النصابين و المغتصبين و العاطلين.

و تكفيك زيارة خفيفة للمواقع الافتراضية حتى تصيبك فيديوهات المبتز الهارب في كندا، هشام جيراندو، بالاشمئزاز و هو يحاول إلصاق هذه الحادثة في السلطات المغربية و إثارة الظنون حولها لا لغرض سوى لإعادة المصداقية لحساباته بعد تواتر أخبار متابعته القضائية بتهمة نشر أخبار زائفة والتشهير و الابتزاز.

في ذات السياق، قد تصطدم بمقال تحليلي أو “تخييلي” إن صحت العبارة لواحد من أشهر “المغتصبين” في العقد الأخير، سليمان الريسوني، و بعدما انتهى من الإفتاء في قضايا المخابرات الخارجية، ظل وفيا لخطه التحريري المطبوع بخطاب “المظلومية” المرتبطة بحرية التعبير، إذ عاد ليتناول بدوره موضوع وفاة البحري بإشارته أن موته قد يكون مؤشرًا على تجاوزات من قبل “المخزن”.

مدعية النضال المسماة سعيدة العلمي، تحاول شق طريقها في مجال “شيطنة الدولة” إذ أقدمت على انتهاك حرمة الموتى عبر التشهير بشخصية سفيان البحري، مستغلة وفاته لتصفية حسابات أيديولوجية ونشر المغالطات بخصوص وفاته في الفضاء الرقمي.

سعيدة “العاطلة”، و بدل أن تلتزم بأخلاقيات العمل الحقوقي الذي تزعم أنها فرد منه، و القائم على احترام الكرامة الإنسانية للشخص في الحياة والممات، اختارت أن توظف رحيل البحري كفرصة للمزايدة وإثارة الجدل، غير عابئة بالاعتبارات الأخلاقية والقانونية التي تجرّم التشهير والمس بسمعة الأشخاص، أحياءً كانوا أو أمواتًا.

و لعل القاسم المشترك بين كل هذه البروفيلات، إدمانهم سواء على الخمور أو إتيان الذكور و حتى تشجيع الفجور بسبب اعتناقهم مذاهب إلحادية تتماهى مع الفكر الحقوقي أو اليساري الاشتراكي الذي ينكر وجود خالق.. فأنى لهم احترام المخلوق إذن ؟

هذا اللغط المثار حول وفاة سفيان البحري يذكرنا بما حدث في قضية وفاة الطبيب العسكري مراد الصغير، حينما أُثيرت تساؤلات “عبيطة” من طرف نفس الوجوه حول دور محتمل للدولة في وفاته، حيث اعتبر أشباه النشطاء  هؤلاء أن هناك محاولات للتستر على الحقيقة بغية جر الدولة لمستنقع مليء بالطفيليات و الكائنات المجهرية.

لا يسعنا في النهاية إلا الإقرار أن احترام حرمة الموتى لا يُعد مجرد مسألة دينية أو اجتماعية، بل هو مقياس لرقي الإنسان وأخلاقياته و اللذان إن فقدا سنكون قد أطلقنا العنان للفوضى الأخلاقية والانحطاط القيمي. لذا، من الضروري أن يتوقف المغاربة عن الانجراف وراء العناوين المثيرة والتفاعل غير المسؤول مع هذه الطائفة، والعودة إلى مبادئ الاحترام والتقدير لكل إنسان، حيًا كان أو ميتًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى