تحت عنوان “المديرية العامة للأمن الوطني في مواجهة العملاء”.. الجزائر تفقد البوصلة رسميا (فيديو)

نتوجه بجزيل الشكر والامتنان للنظام الجزائري لأنه أتحفنا مساء اليوم الجمعة، بالجزء الثاني من وثائقي “سقوط خيوط الوهم”. نعم هي كذلك التسمية التي اختارها الكابرانات لوثائقي غبي تم إنتاجه داخل ثكنتهم الإعلامية الرسمية منذ أزيد من سنة.
ولمن انمحت تفاصيل الحدث من ذاكرته، لا ضير في أن ننعش ذاكرته ونعود أدراجنا إلى أواخر عام 2021 تحديدا، خرج العساكر في شخص المديرية العامة للأمن الوطني ثم القناة الجزائرية الثالثة ببرنامج تلفزيوني خاص يحمل عنوان “سقوط خيوط الوهم”، والذي يتحدث عن النجاحات “الوهمية” لمديرية الأمن الوطني في إحباط مؤامرات استهدفت الجزائر بإيعاز من المغرب وإسرائيل. وقتها أدينا صلاة الجنازة على بلاد المليون شهيد، كونها ترزح تحت رحمة شرذمة من الحمقى “كيتعلمو الحسانة في ريوس الدزايريين” بهدف إيهامهم بأن هناك دولة بشمال إفريقيا وبتعاون مع إسرائيل تستهدف أمنهم القومي.
اليوم يتجدد الموعد، إذ على ما يبدو حولت المخابرات الجزائرية مقراتها بالعاصمة إلى استوديوهات لإنتاج أفلام تلفزيونية “رديئة” من أجل إخضاع الشعب إلى نظرية المؤامرة وأن قطار التنمية إنما تأخره الحملات المزعومة على منصات التواصل الاجتماعي وليس عسكرة البلاد.
ففي كل بقاع العالم حيث المعارضة تجد موطئ قدم لها وتعبر عن ما اختلفت فيه من قضايا، يصل الأمر إلى الجزائر فتصبح المعادلة صعبة ويُنْعَتُ المعارض بأقدح النعوت وأنه باع الوطن مقابل حفنة من الدريهمات، في محاولة بائسة لوضع مساحيق تجميلية على وجه البلاد القبيح. فالوثائقي الجديد الذي لن يحصد إلا السخرية والشماتة كسابقه، ألقى بجمرة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعتصر المواطن في حِجْرْ مجموعة من المعارضين الجزائريين المتواجدين خارج الديار على شاكلة عبدو السمار وهشام عبود وأمير ديزاد، “زعما طاحت السمعة علقو الحجام”.
صيد ثمين كما يزعم معدي الوثائقي الذي يقع في 12 دقيقة و35 ثانية، اعتقل على إثره 16 شخصا بتهمة التخابر مع موقع الكتروني جزائري معادي لمصالح تبون وشنقريحة. فحسب علمنا المتواضع، لم يسبق وأن سمعنا بدولة تحبط مخططا اختراقيا عبر أجهزتها الأمنية، وتخرج للرأي العام الوطني بفيديو وثائقي تعتمد فيه أسلوب التباكي ومنطق “نحن مستهدفون”. كيف لا والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية تحظى حصريا بهذا الشرف، لأن لها سجلا حافلا في قذف أزبالها نحو بوابة جيرانها كأسهل وأضمن طريقة لتضييع وقت جارها في تنظيف مخلفاتها المتناثرة على بوابته. لكن غباء حراس معبد “تبون” لا يعرفون أن جارهم لا يكلف نفسه أكثر من القفز فوق أزبالهم والمضي قدما في طريقه. فلكم المناورات والدسائس ولنا التقدم والإشعاع الدولي. ألهذه الدرجة يستشيط قصر المرادية غضبا من تألق المغرب وأسوده مؤخرا؟؟.
وحتى لا يُحَمِّلُوا القطب الإعلامي العمومي بالجزائر أكثر مما يحتمل، فقد تدارك الجنرالات هفوة السنة الماضية، ومرروا مهمة إيداع وثائقي الضرب من جديد في المغرب وإسرائيل إلى قناة النهار “المستقلة” كي يقنعونا أن “الديسك الحافي” الجديد إنما هو عمل صحافي حر ينأى بنفسه عن الخطاب الرسمي للدولة. على العموم اقتنعتم ونحن لم نقتنع.
تقرير صحفي شنقريحة الفصيح وذي الصوت الجهوري، يفيد ما معناه أن القوة الإقليمية “الضاربة” في عمق الأزمة أصبحت تقض مضجع إسرائيل التي بدأت تحيك ضدها مخططات، لأن في استمرارها هلاك لإسرائيل ولحلفائها على غرار “المخزن”. دولة إسرائيل استفاقت من سباتها العميق وأدركت متأخرة أن مستقبل البشرية بيد الجزائر لأنها عرفت كيف تقطع الماء والكلأ عن شعبها المفقر، لذلك وجب إما مهادنتها اتقاء لشرها أو استهدافها عبر دمى معارضة تُرَوَّجُ من الخارج معلومات وتقارير مغلوطة كما تزعم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يزودها بها موظفون من داخل مؤسسات عمومية.
ولإضفاء مزيد من التشويق والإثارة على الوثائقي، كان لابد من استعراض طاولة محجوزات سريالية يقف وراءها ال16 فردا من المعتقلين على ذمة نفس الملف. إطلالة سريعة على ما تمت مصادرته من قبيل أجهزة تنصت والعديد من الحواسيب المحمولة وكذا أحزمة عسكرية وقناع الوجه أسود اللون، ثم منظار ليلي ومنظار من الحجم الكبير، فضلا عن جهاز سكانير وفك الشفرات، يوحى لك وكأننا أمام عملية تفكيك عصابة تستعد لتنفيذ عملية إرهابية قد تستهدف المؤسسات الحساسة بالبلاد. هل أصبح المعارضون يستنجدون بأجهزة التنصت والأحزمة العسكرية للتعبير عن آرائهم السياسية؟ لا أعتقد ذلك بالمرة!!. من اليوم فصاعدا، جاز لك اعتقاد ذلك وأكثر، فما يسطره العساكر من أوامر ووجهات نظر تصبح سيفا على رقاب مروجيها. “واش حنا نعارفو أحسن من تبون وشنقريحة”.
بلادة منقطعة النظير حتى في ترجمة الأكاذيب إلى إبداع سمعي بصري، ثم أسلوب إنشائي طافح في التضخيم وكأن المعلق يزف إنجازا تاريخيا للجزائريين مشوب بالتباكي والتسويق لأعداء وهميين تم طبخهم على نار هادئة ولسنوات كي يصبح الوهم حقيقة.
وفيما يلي المقطع الكامل لفيلم الموسم “الجزائر مستهدفة” أو كما توافق معدوه على اسم “المديرية العامة للأمن الوطني في مواجهة العملاء”: