عبد اللطيف وهبي/حميد المهداوي.. مبارزة قضائية تقطع “اللسان الطويل” بغير حق
ليس دفاعا عن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل الحالي أو أي مسؤول حكومي أو ما شابه، إنما المسألة أعمق بكثير مما هو ظاهر على السطح. لقد خرج المجتمع المغربي ومعه مجتمعات عربية أخرى من بوتقة المُراقب للأوضاع السياسية والاجتماعية وكذا الاقتصادية بفاه مغلق وعينين مندهشتين إلى رحابة التعبير عن الرأي والنقد البناء خدمة للصالح العام، أو حتى لفتا لانتباه صُناع القرار إلى ما قد يقع منهم سهوا أثناء تسييرهم لشؤون البلاد والعباد.
غير أن ما أنجبته لنا مواقع التواصل الاجتماعي من “هضراويين” باعتبارها منصات واسعة الاستقطاب وآنية النشر والانتشار، لا يعدو أن يكون مجرد أشباه نُقاد لأنهم أقبلوا على العوالم الافتراضية بعقول تمتح من ترسبات الماضي، وبالتالي فهي عاجزة عن التمييز بين النقد والتهجم. وهنا نطرح سؤال عريض: أين تكمن العلة حينما لا يُفرق المرء بين رمي الآخرين بالباطل وبين التسلح بالأدلة الدامغة لمواجهة المُفسدين المفترضين؟
الجواب تظهر بعض تفاصيله بين طيات ثقافة متوارثة بين بعض أبناء المجتمع، والتي تقتضي أن تقلد المسؤولية أو الحصول على منصب حساس هو بالأساس محط تكليف وتقييد لصاحبه. أو بمعنى أصح، قد يحتاج المسؤول البارز إلى الكثير من الصبر والمرونة، وفي أحايين كثيرة إلى منطق “عين و وذن ميكة” للتعاطي مع كل من وما يُسيء له بغير حق. وهنا تعاظم “الصمت أبلغ من الكلام” وركنت مختلف الشخصيات العامة إلى قناعة “خليه يهضر” حتى غَرِقْنَا في وَادٍ سحيق من البلطجة الافتراضية المكافأة بعائدات الAdsense، ومعها تترسخ شيئا فشيئا لدى اليوتوبر “لعطاش” وعبره تنتقل إلى متابعيه أن التشهير حق وأن التهجم دون أدلة شجاعة يُغذيها صمت المستهدفين بها لأن “لعجينة اللي في كرشهم” لا تسمح لهم بأكثر من المهادنة، وفق ما يدور في خُلد اليوتوبر إياهم.
المهداوي “المنتظر” فاضح الفساد وقاهر المفسدين كما يعتقد كلما أطل على منصة اليوتوب متأبطا تميمة حظه “خوتي خواتاتي لمغاربة”، استغل قضية اسكوبار الصحراء لأنها مترامية الأطراف وفيها من التعقيدات ما يجعلها “طبق دسم” يُثير نهم المتربصين بالمملكة وبمسؤوليها، فبدت له فكرة نيرة أن يُقحم أسماء شخصيات عامة أخرى في الملف دون سند قانوني داعم لادعاءاته، ناهيك عن تهم أخرى من قبيل التهرب الضريبي وتسلم شيك من إحدى موكلاته لشراء سيارة فاخرة.
ولأن الغباء سيد الموقف، غفل صاحب “الفيرمة في تيفلت” أنه يواجه رجل قانون قبل أن يكون وزيرا استوزاره محكوم بالزمن وبالأداء الحكومي الخاضع بدوره لآلية التقييم. وبالتالي فقد انتهى زمن إلقاء الكلام على عواهنه دون وجه حق، وعلى من يتكأ على المنصات الافتراضية ويُنصبها كمقصلة لوأد مؤسسات ومسؤولي الوطن أن يعود إليها لتخلصه من تبعات لسانه المُشْرَعْ دون كياسة.
ولمن يحمل هم الغرامة المالية ويعتقد أنها قد تقصم ظهر حميد المهداوي فإنه لا يستوعب أبدا أن صاحب الضيعة يعرف جيدا من أين تأكل الكتف ونوائب الدهر تصرفها عنه مداخيل الAdsense اللهم بارك.
وقبل الختم أكاد أقرأ أفكار السي حميد بعد نطق ابتدائية الرباط، اليوم الاثنين، بالحكم في حقه والمتمثل في السجن سنة ونصف حبسا نافذا وتعويض مدني لفائدة وزير العدل قدره 150 مليون سنتيم على خلفية تهم “بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة من أجل التشهير بالأشخاص، القذف، والسب العلني”، بناء على الفصول 443، 444، و447 من مجموعة القانون الجنائي… “جيت نقول لوهبي دخل عندي غير بالفن ساعة صدقت أنا اللي داخل عندو بالقانون”.