التشهير بالمغرب في باريس

عَلَّق من عَلَّق على بعض جدران مدينة باريس صورة المسماة “فيليبين” التي قتلها شخص مغربي هاجر إلى فرنسا سائحا وارتكب مخالفات سُجن بسببها ثم أُطلق سراحه في انتظار تهجيره إلى بلده، وفي هذه الحالة ارتكب جريمة قتل مؤسفة ضد هذه الضحية، وينتظر أن تُظهر محاكمته المقبلة ملابساتها.
إن بعض وسائل الإعلام استغلت، وما تزال تستغل الموضوع، في تأجيج النقاش الدائر في فرنسا حول الهجرة، ووسائل أخرى تستغله في الهجوم على الإسلام وربطه بالأوصاف الراسخة في أذهان بعض الناس هنالك، كل هذا في سياق الحرب الدائرة في الشرق الأوسط.
لا يخفى على أحد أن جرائم قتل الرجال والنساء تقع في ظروف مختلفة في بلدان العالم كله، ومنها فرنسا، ولكن لا أحد يتصور، وهو عاقل، أن يتم التشهير بالقاتل على أساس انتمائه إلى بلده، كما لو أن كل أهل ذلك البلد هم “مجرمون” يتحملون وزر تلك الجريمة مع مقترفها.
إن هذا المنطق يقتضي أن يتم التشهير في المغرب بكل فرنسي ارتكب جريمة بوضع صورة الضحية والتعليق عليها بالقول: “فعلها شخص من فرنسا”.
أما ما جرى من التشهير الأخير في باريس فيمكن أن يتم الرد عليه بأن تعلق في جدران مدينة الرباط مثلا صور بعض المقاومين من أجل منع دخول الاستعمار أو من أجل الحصول على الاستقلال وتحتها عبارات: “عذبته” أو “قتلته فرنسا”. وممن يمكن وضع صورته على الجدار والتعليق عليها أحد الرجال الذين قُتلوا في نزول الجيش الفرنسي بالدار البيضاء عام 1907 والذي نشرت رسمه ورسم الجندي قاتله مجلة Le Petit Parisien مع هذا التعليـــق:Au cours d’une furieuse charge, un de nos goumiers détache d’un seul coup de sabre la tête d’un Marocain. ” جندي يُطيِّر بضربة سيف واحدة عنق شخص مغربي “.
إن في البلدان الاستعمارية أشخاصا ليس لهم الوعي السياسي لمساعدة البلدان المستعمرة على تجاوز “لا نسيان” الماضي لبناء المستقبل.
على كل حال، وحيث إن الكرامة هي معيار همة الشعوب، فإن هذا العصر قد خلق فرصا شتى للتعامل الواسع مع بلدان شتى في العالم بدون احتكار، ويمكن لأي بلد أن يمنع الهجرة إليه من أي بلد، بل يمكنه حتى أن يطرد المهاجرين إذا أراد، ولكن لا يجوز له أن يمس بكرامة بلدانهم.
أما التشهير الأخير ففهمه من مجرد زاوية الهجرة لا يستقيم، لأن الهجرة لا تقتصر على المغرب، ولكن فهم خلفياته لا يمكن أن يستبعد من الحساب المسيرة التي وقعت في الرباط يوم الأحد الماضي في علاقة بوقائع الشرق الأوسط.