بعض الحقائق المزعجة في أحداث الفنيدق.. وهذه خلفيات البروباغندا المقيتة التي تستهدف قوات الأمن
بعد أن نبهنا في مقال سابق على موقع “المغرب ميديا“، بتاريخ 16 شتنبر 2024، خصصناه للحديث عن احترافية الأمن في التعامل مع محاولات الهجرة غير الشرعية بالفنيدق.. (بعد أن نبهنا فيه) إلى تربص بعض الجهات المشبوهة بالمؤسسة الأمنية للتشويش عليها ومحاولة تشويهها خلال الأحداث التي تعرفها الفنيدق… حصل ما كان في الحسبان، حيث عمدت جهات لازال التحقيق جاريا لتحديدها، (عمدت) إلى شن حملة مريبة وغير بريئة على الإطلاق هدفها تشويه صورة المغرب دوليا من خلال نشر صور وادعاءات حول تعذيب مزعوم لمهاجرين سريين في منطقة الفنيدق.
هي صور مشكوك فيها وفي حيثياتها أثارت الكثير من الجدل واللغط في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أعلن على إثرها الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان، اليوم الثلاثاء 17 شتنبر الجاري، أن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي في الموضوع للوقوف على مدى صحة هذه الوقائع وخلفيات نشر تلك الصور عُهد به للفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وفي انتظار النتائج التي ستخلص إليها التحقيقات، فإنه من الواجب التنبيه إلى عدد من الأمور تصديا للمغالطات ولما من شأنه أن يبث الرعب ويولد الحقد وسط الناس:
أولا، لابد من التذكير بأننا لم نكن أمام محاولة هجرة غير شرعية عادية، والتي يفترض أنها سرية، كاللتي تحدث بين الفينة والأخرى، عادة ما تفصلها مدد زمنية طويلة. بل كنا أمام مخطط إجرامي واسع النطاق كان الغرض منه صناعة “مأساة تراجيدية” لاستغلالها سياسيا من طرف جهات مشبوهة من خلال دعوات تحريضية سبقت محاولات الهجرة الجماعية بأيام، حتى أصبحت هجرة سرية معلنة.
ما يعني أن الهدف الحقيقي للجهات المحرضة كان أكبر وأخطر من أن تكون هجرة غير شرعية بغرض تحسين الأوضاع المعيشية وتصوير المغرب وكأنه جحيم يريد الجميع الهروب منه. بل كان الهدف هو خلق مواجهات مباشرة مع قوات الأمن وجرها إلى مستنقع العنف لتصوير الأمر وكأنه “مجزرة بوليسية”، وبالتالي استهداف المؤسسة الأمنية وتلطيخ سمعتها… وهذا ما لم يقع وما لم تنجر إليه قوات الأمن.
ثانيا، التدفق البشري الهائل الذي شهدته محاولات الهجرة غير الشرعية، لم يكن مسالما البتة، بل بادرت عناصره إلى مهاجمة قوات الأمن التي كانت تطوق المنطقة المستهدفة، بالرشق بالحجارة واستعمال أساليب بلطجية خطيرة، أصيب على إثرها عدة عناصر أمنية. ورغم ذلك، لم تلجأ القوات العمومية إلى استخدام العنف المفرط أو المتعمد، بل عملت على إحباط محاولات عبور المرشحين للهجرة بطرق آمنة جنبت حدوث خسائر بشرية أو إصابات خطيرة.
ثالثا، لم يتم توثيق أو تسجيل أي مشاهد تعذيب أو معاملة سيئة أو عنيفة أو حاطة من الكرامة للمرشحين للهجرة الموقوفين كما يزعم بعض المغرضون، مع الإشارة إلى أن العديد من وسائل الإعلام كانت حاضرة في عين المكان ووثقت كل التدخلات الأمنية، إلا أنه لم تسجل أي شيء مما تتدعيه بعض الأطراف التي تسعى عنوة إلى الإساءة إلى المؤسسة الأمنية وإثارة البلبلة وتأجيج الوضع.
رابعا، وبخصوص الصور المتداولة والتي تُظهر مجموعة من الشباب نصف عراة جالسين في الأرض، والتي أكد مصدر مسؤول أنها قديمة وغير مرتبطة بأحداث 15 شتنبر 2024، فإنه حسب المعطيات المتوفرة إلى حدود كتابة هذه الأسطر، القوات العمومية قامت بإنقاذ أولئك الشباب من الغرق وانتشلتهم من مياه البحر أثناء محاولتهم الهجرة سباحة نحو سبتة المحتلة وهذا ما يفسر حسب نفس المصدر المسؤول ظهورهم شبه عراة… وبالتالي لا وجود لأي دافع للاعتداء عليهم حسب المزاعم الباطلة التي يروجها بعض المغرضين، في الوقت الذي كانت القوات العمومية حريصة على إنقاذ أرواح أولئك الشباب وليس تعريضهم للخطر أو ارتكاب أي اعتداء من أي نوع في حقهم والذي قد يؤدي إلى الوفاة لا قدر الله.
خامسا، بما أن إحدى الصور المروجة منذ ليلة الأمس لشباب “نصف عُراة” قديمة، حسب ما أكده مصدر مسؤول بعمالة المضيق-الفنيدق فإن من بين الأسئلة الملحة التي تطرح نفسها هي: من قام بتصوير تلك المشاهد؟؟ وهل من قام بتصويرها هو نفسه من سربها؟؟ والأهم هو لماذا تم الاحتفاظ بتلك الصور لأزيد من 10 أيام وتم اختيار هذا التوقيت بالذات الذي يشهد عودة الهدوء إلى الفنيدق لينشرها على نطاق واسع بغرض التأجيج والتشويه وإشعال فتيل السخط والغضب؟؟
سادسا، إن لجوء بعض “الجهات الحقوقية” وأخرى إعلامية، التي يفترض أن تتحلى بأعلى درجات الحرص على التحري والدقة والبحث عن الحقيقة، (إن لجوءها) إلى وقائع قديمة تعود لأزيد من 3 سنوات، من أجل توظيفها في أطروحات مغلوطة ومحاولة إثبات صحة وقائع مشكوك في حيثياتها، لازال التحقيق القضائي جاريا بشأنها، يكشف بشكل واضح عن سوء نية تلك الجهات وكل من يدور في فلكها وعن مساعيها الحثيثة إلى استهداف صورة المؤسسة الأمنية خصوصا بعد المستوى الاحترافي الذي شهد عليه عدد كبير من المتتبعين للأحداث، والذين أكدوا أن القوات الأمنية أبانت عن درجات عالية من ضبط النفس والحكمة في التعامل مع أحداث الفنيدق… وهو الأمر الذي يبدو أنه أغاض من كانوا يسعون إلى إخراج “جنازة” ليشبعوا فيها لطما، كما يقول أشقاؤنا المصريين.
وفي الختام، وبعيدا عن أي اعتبارات، فإنه من الضروري التأكيد على أن التحديات التي يواجهها المغرب في مجال الهجرة هي جزء من مشكلة عالمية أكبر من أن نلخصها في الرغبة في تحسين الأوضاع المعيشية. وعوض فتح المجال وإطلاق العنان لتوزيع اتهامات باطلة وبث أخبار زائفة والترويج لأطروحات مضللة وملغومة، ينبغي على كل الأطراف المعنية، وطنيا ودوليا، أن تتعاون بشكل أوثق لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، وتطوير آليات أكثر فعالية وإنسانية للتعامل مع هذه الظاهرة. فالمغرب، بسياساته المتوازنة وجهوده المستمرة، يقدم نموذجا يحتذى به في التعامل مع هذه القضية المعقدة، ويستحق الإشادة والدعم بدلا من استهدافه بحملات بروباغندا مقيتة.