حملات مشبوهة تستهدف زلزال الحوز بالإشاعات والأخبار الزائفة.. والمغاربة الشرفاء يتصدّون لتجار المآسي ومُروجي البُؤس !

الفواجع في أي مكان في العالم، بقدر ما تحظى بحملات الدعم والإغاثة والتدخلات الإنسانية من كل حدب وصوب، فهي تكون أيضا فرصة ومناسبة بأن يتسلل إليها تجار المآسي ومروجي الإشاعات خدمة لأغراض مشبوهة وأجندات خبيثة.

كذلك هو الشأن بالنسبة لزلزال الحوز الذي ضرب ليلة الجمعة منطقة الحوز جنوب غرب المغرب، حيث انتشرت منذ الساعات الأولى من الزلزال، العديد من الإشاعات والأخبار الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي ضاعف من حالة الهلع والخوف لدى سكان المنطقة، كما لازالت بعض الجهات المشبوهة تواصل الترويج لأخبار كاذبة عن غياب تدخل الدولة وأجهزتها لإغاقة الضحايا والمتضررين.

كما وقعت بعض وسائل الإعلام الأجنبية في فخ ما يجري تداوله، فيما تعمدت أخرى التفاعل معها وتبنيها، الأمر الذي دفع وسائل الإعلام الوطنية وعدد من النشطاء المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى التحرك والحث على ضرورة توخي الدقة، في ظل الظرفية الحساسة الناجمة عن كارثة الزلزال.

لكن يظل أخطر وأحقر ما عمدت إليه بعض الجهات الأجنبية وعلى رأسها بعض وسائل الإعلام الفرنسية والجزائرية، هو محاولة الترويج بأن المغرب رفض المساعدات الدولية لإسعاف المنكوبين وإنقاذ ضحايا الزلزال، قبل أن يتبين أن الأمر لا يعدو كونه حملة مغرضة، الغرض منها التشويش على الجهود التي تقوم بها الدولة لتجاوز هذه المحنة، بتتبع مباشر من الملك محمد السادس.

وفي هذا السياق، زعم بعض الصحفيين في بلاطو قناة “BFM” الإخبارية الفرنسية، بأن المغرب رفض مساعدات فرنسا من أجل إرسال فرق المساعدة للمشاركة في عمليات إغاثة وإنقاذ المتضررين من الزلزال، قبل أن تتدخل الصحيفة المغربية ومديرة الأخبار السابقة بدوزيم، سميرة سيطايل، لدحض هذه المزاعم وتلقين مروجيها درسا لن ينسوه.

وفي ردها على ما روجت له وسائل الإعلام وبعض الجهات المقربة من الرئيس ماركون، قالت سميرة سيطايل “إنه أمر خطير قول إن المغرب رفض مساعدة دولة ما”، مشددة على أن الترويج لمثل هذه المزاعم هو دعوة صريحة للمواطنين المغاربة إلى “الثورة”، ورسالة مفادها أن الفرنسيون يقولون “أننا نريد مساعدتكم لكن حكومتكم لاتريد”، مطالبة بتصحيح هذه المغالطة.

وأوضحت المتحدثة أن هناك فرقا من أربعة دول لحد الساعة تشارك في عمليات الإنقاذ والإغاثة بالمغرب (من إسبانيا وبريطانيا وقطر والإمارات)، مشيرة إلى أن غياب دول حليفة وصديقة للمغرب لحد الساعة عن عمليات المساعدة، كأمريكا والهند وروسيا، لا يعني إن المغرب رفض مساعدتها.

وعلاقة بنفس الموضوع، أعلن بلاغ لوزارة الداخلية، أنه في إطار تبني مقاربة تتوافق مع المعايير الدولية في مثل هذه الظروف؛ أجرت السلطات المغربية تقييما دقيقا للاحتياجات في الميدان بشأن زلزال الحوز، آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية.

وعلى أساس ذلك، استجابت السلطات المغربية في هذه المرحلة بالذات، لعروض الدعم التي قدمتها الدول الصديقة إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والتي اقترحت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ.

وأكد البلاغ، أنه يمكن مع تقدم عمليات التدخل أن يتطور تقييم الاحتياجات المحتملة، مما قد يؤدي إلى اللجوء إلى عروض الدعم المقدمة من دول أخرى صديقة، حسب احتياجات كل مرحلة على حدة.

وفي سياق آخر، ومن جملة الإشاعات التي تلاحق زلزال الحوز، تداول رواد مواقع التواصل العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر انهيار بنايات بمدينة الدار البيضاء، ليتبين لاحقا أن الأمر يتعلق بفيديوهات قديمة لانهيار بنايات سكنية متهالكة (انهيار منزل بدرب مولاي الشريف بالدار البيضاء ليلة الاثنين 26 ديسمبر إلى الثلاثاء 27 ديسمبر 2022).

كما انتشرت على نطاق واسع صور لمنشآت مينائية متضررة وانقلاب سفن على الأرصفة، هي في الأصل صور لمنشآت مينائية أجنبية، إضافة إلى كوارث طبيعية سبق أن وقعت ببلدان أخرى على غرار زلزال ساحل المحيط الهادئ في توهوكو باليابان 2011.

وتعمدت بعض وسائل الإعلام الأجنبية نقل خبر زائف مفاده بأن “ضحايا زلزال الحوز كانوا ممددين على الأرض عند مدخل أحد المراكز الاستشفائية في انتظار دورهم، لعدم توفر أماكن بقاعة العلاج”، وهو ما نفاه المسؤولون لاحقا.

وفي هذا الصدد، أعلن المدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش أن هذا الأخير منكب على توفير الخدمات الطبية والرعاية الصحية اللائقين لاحتواء الضحايا والمصابين جراء هذا الزلزال المدمر، مُكذّبا ما يروجه البعض على حساباتهم الشخصية ببعض مواقع التواصل الاجتماعي، من معلومات “كاذبة في غير محلها” حول غياب معدات طبية بالمركز.

وأكد المصدر ذاته أن كل أطر المركز الطبية التمريضية والإدارية بمختلف تخصصاتهم “مجندون لتحمل على عاتقهم هذه المسؤولية الجسيمة اتجاه الوطن من أجل لملمت الجراح الناتجة عن هذه الكارثة الطبيعية والعمل على إنقاذ الأرواح البشرية، بكل ما أتيت من وسائل دون كلل أو ملل”.

ويشير الخبراء إلى أن بعض الصفحات على شبكات التواصل، والتي تقتات على مآسي الناس، تتعمد نشر مثل تلك الشائعات، وهو ما يستوجب على الإعلام الوطني التصدي له.

وعلى صعيد آخر، يُشار إلى أن مروجي الإشاعات ومنتجي خطاب العدمية والبؤس، لازالوا يواصلون نشر بعض مقاطع فيديو، محرّفة وخارجة عن سياقها الحقيقي، تتضمن تصريحات بعض أهالي المتضررين من الزلزال، لإيهام الرأي العام بتقصير مزعوم من مؤسسات الدولة وتخاذلها في القيام بواجبها، بينما الحقيقة المنقولة من عين المكان والموثقة بالصوت والصورة، تبين حجم المجهودات المبذولة من كل الجهات والمؤسسات والأجهزة بكل تفاني وإخلاص لتجاوز هذه الأزمة.

ودعا عدد من النشطاء المغاربة وبعض وسائل الإعلام الوطنية، توخي الحذر في التعاطي مع كل ما ينشر ويروج عن فاجعة الزلزال والتصدي لكل الأخبار الرائجة حول الموضوع، مؤكدين على ضرورة إنتاج خطاب الأمل والتفاؤل مع تبيان الحقيقة بعيدا عن العدمية والبؤس الذي يحاول البعض بث سمومه لأغراض مشبوهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى