مجلة لوبوان: فاتورة عهد الرئيس إيمانويل ماكرون تُثْقِلُ كاهل المجتمع والاقتصاد الفرنسي (تقرير)

أينما وليت وجهك تعم الفوضى كافة أرجاء فرنسا، لاسيما في الآونة الأخيرة التي تميزت بعجز الرئيس إيمانويل ماكرون عن إدارة البلاد بحنكة تسعفها على تجاوز أزماتها الداخلية بأقل الخسائر وتستشرف من خلالها مستقبلا يساهم في تفاصيله الفرنسيون حكومة وشعبا، بدلا من اعتماد سياسة “العصا لمن يعصى” التي فرضتها شرطة ماكرون بالشوارع الفرنسية إبان الانتفاضات الرافضة لقانون سن التقاعد الجديد.

وتماشيا مع ما سبق، نشرت مجلة لوبوان الفرنسية، تقريرا في الموضوع تحت عنوان: “فرنسا.. هل لازال هناك رئيس؟”، ضمنته مختلف أوجه التقهقر التي أرخت بظلالها على المجتمع الفرنسي على عهد رئيسه الحالي “الخارج عن التغطية” كما تصفه الصحافة الفرنسية.

فالغضب الشعبي تجاه “السياسة الماكرونية” هو عنوان المرحلة الحالية، والأكبر بعد معركة إصلاح نظام التقاعد الأخيرة، التي نجح من خلالها ماكرون في تمرير المشروع متحديا المواطنين، الأمر الذي راكم حقد شعبي كبير على سياسته المثيرة للجدل وعزز الشعور العام بأن الرئيس يتعامل مع البلاد على اعتبارها ملكية خاصة يرتع فيها فسادا وفقا لأهوائه، وهو ما بدا جليا خلال التعديل الحكومي الأخير، الذي ضم بين ظهرانيه الموالين والأصدقاء في أفق تشكيل قاعدة سياسية تحمي مصالحه وتصد عنه غضب الشعب ولو جزئيا، يتابع نفس المصدر.

وبشكل دقيق أكثر، شَبَّهَ المصدر ذاته، سلوك وإدارة إيمانويل ماكرون للبلاد بما كان ينتهجه الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، حيث كان يعيش خارج الزمن ويتعامل مع الشعب على اعتباره وعاء يُفَرِّغُ فيه الفنتازم السياسي الخاص به، ضاربا بعرض الحائط التحديات الاقتصادية التي تواجهها بلاد كفرنسا خارجة لتوها من مرحلة عنق الزجاجة بفعل جائحة كورونا، ثم تلقفتها تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا وما جاور ذلك من أزمات اقتصادية خانقة، اختبئ خلالها ماكرون بقصر الإليزيه وترك الفرنسيين شعبا وسلطات يتطاحنون فيما بينهم.

وكانت النتيجة الحتمية، تضيف وسيلة الإعلام الفرنسية، أن غَرِقَتْ فرنسا في ثلاث أزمات اجتماعية كبرى غير مسبوقة انطلقت منذ 2017 وتستمر إلى اليوم، بدأ بحركة السترات الصفراء مرورا باحتجاجات إصلاح نظام التقاعد المجحف وصولا إلى الاضطرابات المنتشرة في الشوارع الفرنسية بشكل شبه يومي، وما يعنيه ذلك من فقدان الشعب الفرنسي لأي أمل في الإصلاح أو أن يستخلص حكامه الدروس والعبر من تكلفة الانتفاضات الاجتماعية على اقتصاد دولة بدأت تتموقع شيئا فشيئا على خط الدول الناشئة بعدما كان الأمر يتعلق بثاني أكبر اقتصاد في أوروبا. واليوم والكساد يعلو المشهد الاجتماعي الفرنسي، يتأسف المصدر ذاته، فقد بلغ عجز المالية العمومية 4.7% من الناتج الداخلي الخام، بينما بلغت مؤشر العجز 7% في الميزان التجاري، فضلا عن 2% في الحسابات الجارية والودائع من الناتج الداخلي الخام. أما الدولة فتستحوذ لوحدها على 58% من الناتج الداخلي الخام دون أن نستطيع تطويعه لصالح تجويد قطاعات حيوية على غرار الصحة والأمن والتعليم والعدل ثم النقل.

وتأسيسا على ما سبق، خَلُصَ كاتب المقال إلى أن التاريخ الفرنسي سيحتفظ لإيمانويل ماكرون بشرف كونه مخرب الجمهورية الفرنسية الخامسة وفاسح المجال لارتفاع أسهم اليمين المتطرف بفعل إهماله للطبقات المهمشة كالفقراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى