الجزائر تتنازل رسمياً عن شعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”

صوتت الجزائر خلال اجتماع مجلس الأمن أمس الإثنين، لصالح مشروع القرار الأمريكي رقم 2803 والذي يقضي بنشر قوة دولية في غزة مع نزع سلاح فصائل المقاومة.

و رغم مناشدات حركة حماس، و التي طالبت الجزائر بعدم التصويت لهذا القرار الذي سينهي المقاومة في الأراضي الفلسطينية و سيمهد لدخول قوى عسكرية أجنبية في القطاع، إلا أن الجزائر لم تستجب و منحت صوتها بالإيجاب للقرار.

وبعد صدور نتائج التصويت، كانت خيبة الفلسطينيين كبيرة لا سيما أنهم عقدوا آمالا كبيرة على الجزائر التي تدعي منذ عقود أنها الوصية الشرعية على قضيتهم لدرجة أن الرئيس تبون قال حرفيا: “القضية الفلسطينية ضربوها على حسابي”.

إلا أن الجزائر باعتبارها عضوا غير دائم في مجلس الأمن، وبعد فشلها في ملفات سابقة مثل ملف الصحراء المغربية، هاهي ذي تخفق مجددا في مسألة تدبير قطاع غزة لتدخل بذلك عهدا جديدا من الديبلوماسية و هي ديبلوماسية “التنازلات”.

هذه الخطوة، أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن مهمة بلد “الشهداء” هي بيع وشراء القضايا العادلة بلا خجل، وأن الشعارات الفضفاضة التي لطالما تبناها النظام العسكري الحاكم شيء و الواقع الدبلوماسي للدول شيء آخر.

اصطفاف عصابة تبون خلف مشروع قرار أمريكي تُراعى فيه المصالح الإسرائيلية أولاً، يبين مدى ضعفها و هوانها لا سيما و أنها اتخذت من العبارات الدعائية مطية للاستدامة في السلطة ببيع الوهم للشعب الجزائري و التبختر أمامه.

خذلان الجزائر للقضية الفلسطينية لم يكن وليد اللحظة، بل بدأت شرارته الأولى عندما أصدرت قانونا يمنع التظاهر دعما لغزة، إبان اندلاع أحداث 7 أكتوبر 2023، لتصبح بذلك الدولة الوحيدة في المنطقة التي تصمت وتقيد تعبير مواطنيها عن التضامن مع الفلسطينيين.

غدر الجزائر لم يتوقف عند هذا الحد، و إنما امتد إلى تصويتها الإيجابي في 12 شتنبر الماضي، على القرار الذي تقدمت به  كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية و المعروف بـ “إعلان نيويورك” المتعلق بحل الدولتين وفق حدود 1967، وهو ما يعد اعترافا رسميا من طرف الجزائر بدولة إسرائيل.

هذا الموقف وضع الجارة الشرقية في موقف متناقض مع شعاراتها السابقة الداعمة للقضية الفلسطينية، ويكشف عن تغير حقيقي في موقفها السياسي على الساحة الدولية، مما يثير الاستغراب والاستفهام حول أسباب هذا الانحراف عن المواقف التقليدية التي اعتادت عليها.

لقد أصبح واضحا أن الجزائر اليوم لم تعد تملك أي أوراق تلعبها على الطاولة، بعد أن احترقت ورقة فلسطين وضاعت ورقة الصحراء المغربية، لتتلاشى بذلك كل بطاقاتها الاستراتيجية التي كانت تتفاخر بها على مدى سنوات طويلة، وما يزيد الطين بلة هو أن هذه الخسائر لم تقتصر على الجانب الرمزي أو السياسي فحسب، بل كشفت أيضا عن هشاشة الموقف الجزائري على الساحة الإقليمية والدولية.

و بموقفها الأخير، تكون الجزائر قد أسدلت الستار على أسطورة لطالما ردّدها إعلامها تحت شعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى