أحمد ويحمان.. أو المناضل الجبان
بعد أن أعطانا الأمل أخيراً أنه قادر على تحرير غزة، وأن مشاركته في أسطول الصمود ستكون الضربة القاصمة لظهر إسرائيل، قرّر صنديد المناضلين وفارس “الخوانجية” المغوار، أحمد ويحمان، ودون سابق إنذار الانسحاب و رفيقته خديجة الرياضي من هذه الرحلة التي كان يفترض فيها أن تكون دعماً و سنداً لأهالي فلسطين و كسرا للقيود الإسرائيلية.
مغامرة ويحمان التي روج لها زملاؤه في حرفة (الجهاد الفايسبوكي) مصورين إياها أنها أكثر من مجرد تجربة بحرية أو محاولة إعلامية، توقفت في صقلية الإيطالية حيث أكد أن لا صحته و لا مهنته تحتملان كل هذه المشاق و الأتعاب و إكمال المسار صوب غزة و أن القضية التي لطالما ادّعى خدمتها لسنوات صارت خطرا عليه كما أن زيارة فلسطين أضحى أمرا يفوق طاقته.
ابن تنغير العاق الذي لا يشرف هذه المدينة بتاتاً و الذي صرّح يوما أنه يثق في قياديي حزب الله أكثر مما يثق في بوريطة، لم يعد اليوم يثق حتى في جسده و لم تعد تنفعه لا وقفاته أمام البرلمان و لا كلامه في “البودكاستات و اللايفات و الندوات”.. إذ تلاشت على حين غرة كل تلك الخطابات الحماسية المحملة بالإثارة التي تبناها و صفق لها أنصاره وذلك حينما وجد نفسه في قلب المعمعة و على بعد كيلومترات قليلة من ملاقاة إسرائيل وجها لوجه في ساحة المعركة، ليضطر للانسحاب بهدوء مردداً عبارة “آش دّاني لاش مشيت”.

أحمد ويحمان آثر العودة إلى بلاده المغرب بعد شهر قضاه في تونس في الأكل و الشرب و الرقص و الغناء، كي يواصل محاربة ما يسميه “الخطر الصهيوني” و العمل مجدداً على توزيع الاتهامات يمنة و يسرة على مخالفيه باستخدام مصطلحات مثل “متأمزغ، متصهين، عميل، مطبّع”، والانخراط في ما يبرع فيه من الدفاع عن الفكر الصفوي و دعم الشيعة باعتبارهم أقليات و الذود عن حزب العدالة والتنمية من منطلق انصر أخاك ظالما أو مظلوما.
و عليه فإن من الإيجابيات التي خرجنا بها من تجربة أحمد ويحمان، أنها بينت الفرق بين مناصري فلسطين في الواقع و بين متعاطفي المواقع، فالدولة المغربية التي يُعيبها رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، هي من اعتادت إرسال مساعدات إنسانية لغزة و أن لجنة القدس التي يترأسها الملك محمد السادس تمكنت في سنوات قليلة، من إنجاز مشاريع متميزة في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والشباب والإعمار، وبرامج المساعدة الاجتماعية والتنمية البشرية بلغت كلفتها أزيد من 70 مليون دولار أمريكي، جلها بتمويل مغربي رسمي.
وبفراره من أسطول الصمود، يكون ويحمان قد ضيع فرصة العمر للارتقاء شهيداً التي ستؤجل لفرصة أخرى إن هو ساعفته قدراته الجسدية و “العقلية”.



