تأخر غير مسبوق في تحديث الخدمات الإدارية.. هل أصبحت وزارة لفتيت بحاجة إلى زلزال سياسي ؟
منذ نهاية حقبة البصري، ووزارة الداخلية ما زالت على حالها، رغم توالي العديد من الأسماء التي ترأست أم الوزارات، آخرها السيد عبد الوافي لفتيت، الذي لم يغير الكثير في هذه الوزارة.
فالعديد من المديريات التابعة لهذه الوزارة ما زالت على حالها، مقارنة بالسرعة التي تعرفها المديرية العامة للأمن الوطني، حيث انه ومنذ ترأس عبد اللطيف حموشي لهذه المديرية، عرفت نقلة نوعية كبيرة على مستوى هياكلها، ما جعل هذه المديرية تصبح قريبة من المواطنين، سواء على المستوى الاداري أو التواصلي، بالاضافة إلى التغييرات الكبيرة التي عرفها الشق الاجتماعي لموظفي هذه المديرية.
فالمواطنون المغاربة، متعطشون إلى إصلاح حقيقي طال انتظاره، فيكفي زيارة إحدى الجماعات المحلية أو أي مصالح السلطات المحلية، ليجد فعلا ان وزارة الداخلية تعيش في قاع الترتيب مقارنة بالسرعة التي يسير بها المغرب.
فالغريب أن وزارة عبد الوافي لفتيت، مازالت تعيش على أنقاض البصري، من خلال وضع عراقيل للمواطنين المغاربة خاصة فيما يخص مسألة الوثائق الإدارية وانتظار لساعات طويلة أمام جحافل وصفوف من الناس تطلب فقط “عقد ازدياد”، رغم أن مديرية حموشي تمكنت من تضمين كل الوثائق المطلوبة في البطاقة الوطنية “الذكية” والتي تم إصدارها هذه السنة.
أما في ما يخص مسألة الاستثمارات الأحنبية فحدت ولا حرج، فالمستثمرون ضاقوا ذرعا بإجراءات هذه الوزارة المعقدة والتي تغضب هؤلاء المستثمرين، ما يجعلهم يفضلون عدم الاستثمار والبحث عن مكان آخر، كل هذا بسبب مساطر عبد الوافي لفتيت.
فقد أكد الملك محمد السادس في خطابه خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة سنة 2016، أن المرحلة التي نحن مقبلون عليها أكثر أهمية من سابقاتها، فهي تقتضي الانكباب الجاد على القضايا والانشغالات الحقيقية للمواطنين، والدفع قدما بعمل المرافق الإدارية، وتحسين الخدمات التي تقدمها”، مضيفا جلالته إلى أن “الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات هو خدمة المواطن؛ وبدون قيامها بهذه المهمة فإنها تبقى عديمة الجدوى، بل لا مبرر لوجودها أصلا. وقد ارتأيت أن أتوجه إليكم اليوم، ومن خلالكم لكل الهيئات المعنية وإلى عموم المواطنين، في موضوع بالغ الأهمية، هو جوهر عمل المؤسسات. وأقصد هنا علاقة المواطن بالإدارة، سواء تعلق الأمر بالمصالح المركزية، والإدارة الترابية، أو بالمجالس المنتخبة، والمصالح الجهوية للقطاعات الوزارية”.
وواصل الملك قائلا: “أقصد أيضا مختلف المرافق المعنية بالاستثمار وتشجيع المقاولات، وحتى قضاء الحاجيات البسيطة للمواطن، كيفما كان نوعها؛ فالغاية منها واحدة، هي تمكين المواطن من قضاء مصالحه في أحسن الظروف والآجال، وتبسيط المساطر، وتقريب المرافق والخدمات الأساسية منه. أما إذا كان من الضروري معالجة كل الملفات، على مستوى الإدارة المركزية بالرباط، فما جدوى اللامركزية والجهوية، واللاتمركز الإداري، الذي نعمل على ترسيخه منذ ثمانينيات القرن الماضي”.
كل هذه الأشياء سيراها البعض على انها بسيطة، لكن في العمق هي ما تجعل الكثير من المواطنين غاضبين من ضياع مصالحهم وأوقاتهم في أمور إدارية متجاوزة في القرن 21، وقد ضاق آذان المواطنين ذرعا باالاستماع إلى الشعارات الرنانة والتي تتحدث عن تحديث القطاعات العامة، وتطوير الإدارة بشكل عام.
فإلى متى ستقوم وزارة عبد الوافي لفتيت بالعمل بشكل جدي على تسوية هذه الأمور، والانتقال لمسايرة السرعة الحقيقية التي يسير بها المغرب، فالوطن بحاجة إلى تجاوز هذه الأمور البسيطة لكي تكتمل التنمية الحقيقية، فهذه الأمور تعيق تنمية المملكة، فأي مواطن الآن إذا كانت له حاجة لقضائها في مكتب تصحيح الإمضاءات او الحالة المدنية يفكر في أن يوما كاملا سيضيعه من أجل الحصول على ورقة بسيطة في ظل إجراءات غبية ومعقدة.