هيئة مناصرة الجلادين تحت عباءة الحقوق

ها نحن في زمن انقلبت فيه الموازين، وغدت الوقاحة مغلفة بشعارات الحقوق، والباطل يرفع راية الفضيلة، إذ أطلت علينا جمعية تدعى “همم” ببيان لا يحمل من الهمّة سوى اسمها، تصرخ فيه وتتباكى باسم “المظلومية”، تدافع عن زمرة من الطوابرية والمغتصبين المتسلسلين الذين قلبوا الحقائق رأسًا على عقب، وجعلوا من الجرائم مآثر تشاد بها المنابر، ومن الضحايا خصوما تلقى عليهم التهم جزافا.

أين كانت “الهمة” يا همم حين نهل سليمان الريسوني من مجارير اللغة ما طعن به الصحافيات ومدير نشر الجريدة بأقبح النعوت؟ أين كانت حين تفوهت سعيدة العلمي بوابلٍ من الشتائم، تصف الشرطة بالعصابة والقوّادين والجرذان؟ بل أين كانت حينما أطلّ علينا من يعاني خللا في قواه العقلية، يثرثر ويقذف الناس كأنما هو ناطق الغيب؟ أوليس الأجدر أن تكبل يداه بسلاسل “بويا عمر” بدلا من أن يدون بمواقع التواصل؟

وبين مقولة الصمت فضيلة وتوزيع صكوك البراءة الطائفية قبعت جمعية “همم”حيث اثرت هذه الأخيرة صمتا مخجلا حين تعرض ضحايا بوعشرين والريسوني والراضي للتشهير والهجوم من عائلات الجناة ومحاميهم، بل ومن زعماء الهيئات الحقوقية أنفسهم، حتى بلغ بهم الأمر ادعاء أن الضحية المثلي لا يحق له رفع دعوى لأنه “سيكون سعيدا بالاغتصاب”! أهذا ما تسمونه حقوقا؟

أما عن قبح الصورة، فليس ببعيد عنا تلك اللقطة التي جمعت عمر الراضي بـ”المريض النفسي” علي المرابط في وضع لا يعرف من الأخلاق سوى اسمها، ولا سمعنا لكم استنكارا أو كلمة اعتراض فهل يا ترى هي مسألة حرية تعبير أم حرية إنحياز؟

حقا عجبا لتأويلاتكم يا “همم”، إذ صار كل قذف وسب يصدر عن طائفتكم يدخل في باب حرية التعبير، أما توثيق الجرائم الفاضحة بالأدلة فهو عندكم “تشهير”! دفاع الضحايا عن حقوقهم، وطلب التعويضات التي قضت بها المحاكم، أصبح في أعينكم تعديا على الجناة. فأي عدالة هذه التي تتبنونها؟ ما هذه التناقضات وكيف تبررون صفاقتكم هذه؟

أما زعيماكم فؤاد عبد المومني وحسن “الساقط”، فهما لا يجدان غضاضة في استخدام السباب والتجريح على مواقع التواصل، يقذفون من ينتقدهم دون حرج، وكأنما قد منحوا صكوك العصمة من كل نقد. فأين كانت مبادئكم حينما صار الشتم والقدح هواية لـ”رجالكم”؟

واعلموا أن خطابكم، الذي يجيد الالتفاف حول الحقائق وتبرير القبح، لا يُضلِّل إلا من أراد أن يُضَلَّل. لقد أسقطتم العمل الحقوقي في مستنقع الانحياز، وجعلتم من العدل مهزلة، ومن الضحية خصما، ومن الجلاد بطلا وكونوا على يقين تام أن العدالة لا تنتظر مزاعمكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى