المغرب يتفوق على “القوة الإقليمية” في ترتيب “مؤشر التنافسية المستدامة العالمي” لعام 2021

أصدرت مؤسسة “سولابيليتي” قبل أيام “مؤشر التنافسية المستدامة العالمي” لسنة 2021، وهو التقرير العاشر في السلسلة التي تختص بتقييم التنمية الاجتماعية والبيئية والاقتصادية للدول. ويعتمد التقرير على مجموعة من المعطيات توفرها المنظمات الدولية، ويجري تصنيفها ضمن مؤشرات فرعية، هي رأس المال الطبيعي وكفاءة إدارة الموارد ورأس المال الاجتماعي ورأس المال الفكري وإدارة التنمية الوطنية، من أجل قياس القدرات الحالية والمستقبلية للبلدان على توليد وإدامة الدخل والثروة لسكانها.
ولا تزال الدول الإسكندنافية تتصدر الترتيب العالمي، حيث تأتي السويد أولاً، ثم فنلندا ثانياً، وتمثل سويسراً خرقاً لهذه الدول في المرتبة الثالثة، ثم تليها الدنمارك والنرويج. وفي حين تتصدر الإمارات والسعودية والمغرب وعمان الدول العربية في الترتيب العام، بتسجيل مراتب متوسطة بين 96 و117، تتراجع باقي الدول العربية إلى مراكز متأخرة نسبياً، فنجد مصر في المرتبة الـ131، تليها الأردن (139) والكويت (139) والجزائر (144) وقطر (146). وتأتي باقي البلدان العربية ضمن المراكز العشرين الأخيرة. وتلعب عوامل الطقس، وتوافر المياه العذبة، ونوعية الأراضي الصالحة للزراعة، وتنوُّع الموارد الطبيعية، دوراً كبيراً في تحقيق الاكتفاء الذاتي على نحو مستدام يضمن تجدد الموارد.
المصاعب البيئية
ويلحظ مؤشر رأس المال الطبيعي الموارد التي تسمح لبلد ما بالاكتفاء ذاتياً، ويأخذ في الاعتبار مستوى نضوب أو تدهور تلك الموارد، مما يعرض الاكتفاء الذاتي للخطر في المستقبل. وتتصدر لاوس مؤشر رأس المال الطبيعي، تليها كولومبيا وباراغواي وبوليفيا، بفضل التنوع البيولوجي الكبير الذي تتمتع به أميركا الجنوبية. وتأتي الدول الإسكندنافية ونيوزيلندا ضمن الدول العشرين الأفضل عالمياً بسبب الكثافة السكانية المنخفضة، والتغطية الحرجية، ووفرة المياه، فيما تحتل كندا المرتبة الـ31 والولايات المتحدة المرتبة الـ39. وتواجه الدول العربية تحديات حقيقية، وفق مؤشر رأس المال الطبيعي، فهي بمعظمها تعاني من ندرة الموارد المائية العذبة، وانتشار التصحر، واتساع حالة الجفاف، وتلوث الهواء والماء والتربة، إلى جانب فقدان الأمن الغذائي الذاتي في أكثر من بلد.
وتحتل عمان المرتبة الـ92 عالمياً، تليها السودان وليبيا والمغرب في مراكز متوسطة، ثم تأتي مصر والجزائر والسعودية، وتتبعها باقي الدول العربية في مراتب متأخرة جداً، حيث نجد 14 بلداً عربياً في المراكز من الـ155 إلى الـ180.
ويتقاطع مؤشر رأس المال الطبيعي مع مؤشر كفاءة إدارة الموارد الذي يتحرى القدرة على إدارة الموارد المتاحة، الطبيعية والبشرية والمالية، على نحو ذي كفاءة، بغض النظر عما إذا كانت هذه الموارد نادرة أم وفيرة، وسواء أكانت محلية أم مستوردة. ويؤثر الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية على رأس المال الطبيعي للبلد؛ أي قدرته على دعم السكان والاقتصاد بالموارد المطلوبة مستقبلاً.
الاستقرار والابتكار
ويمثل مؤشر رأس المال الاجتماعي تقييماً للاستقرار والرفاهية، المتصورة أو الحقيقية، لجميع السكان. ويكفل رأس المال الاجتماعي التماسك بين المواطنين، ومستوى معقولاً من التوافق، مما يوفر بيئة مستقرة للاقتصاد، ويمنع الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية. وإلى جانب التأثيرات التاريخية والثقافية المحلية، يرتبط التوافق المجتمعي بعوامل مختلفة، منها أنظمة الرعاية الصحية وإتاحتها للجميع، والمساواة في الدخل والأصول، والهيكلية السكانية التي تضمن توزع الأجيال بشكل متوازن، وحرية التعبير والتحرر من الخوف، وغياب الصراعات العنيفة. وفي ظل هذه الظروف فقط يمكن للاقتصاد أن يزدهر ويثمر، ويخلق فرص عمل ودخلاً للسكان.
وتتصدر الدول الإسكندنافية مؤشر رأس المال الاجتماعي. وإلى جانب دول أوروبا الغربية ودول البلطيق التي تهيمن على المراكز العشرين الأولى عالمياً لرأس المال الاجتماعي، تبرز كوريا الجنوبية (13) واليابان (15) وسنغافورة (16). وفي العالم العربي، تحتل الدول الخليجية مراكز متقدمة نسبياً، وفق مؤشر رأس المال الاجتماعي، فنجد الإمارات في المرتبة الـ23 عالمياً، والكويت الـ42، والسعودية الـ52، وعُمان الـ62. وتتراجع باقي الدول العربية إلى مراكز متوسطة، فيما تأتي الدول الأقل استقراراً في مراكز متأخرة.
إدارة التنمية
يعتمد التقرير في تقييم مؤشر إدارة التنمية الوطنية (الحكامة) على مجموعة من المعايير، كالتوافق الحكومي والبنى التحتية وبيئة الأعمال وانتشار الفساد والاستقرار المالي. وتتصدر إستونيا ترتيب الحكامة عالمياً، تليها آيرلندا والتشيك وفنلندا، ثم ألمانيا واليابان. وتهيمن دول وسط وشرق أوروبا على المراكز المتقدمة، فيما تأتي الصين في المرتبة الـ45، ثم روسيا (53) وبريطانيا (62) والولايات المتحدة (86)، وتتراجع الهند إلى المرتبة الـ120، والبرازيل إلى المرتبة الـ165. وتظهر هنا أيضاً فجوة واضحة بين الشمال والجنوب، حيث تسجل معظم الدول الأفريقية درجات متدنية. وعلى المستوى العربي، تحتل الإمارات المركز الـ37 عالمياً في مؤشر الحكامة، تليها مصر (50) ثم الكويت (60) والسعودية (68) والمغرب (91) والأردن (95). وتحتل باقي البلدان العربية مراكز متأخرة نسبياً، خاصة البلدان التي تعاني شكلاً من أشكال غياب الاستقرار، كما هو الحال في سوريا والسودان وليبيا والصومال واليمن.