بدعوته لمعاقبة المتظاهرين و عائلاتهم.. إيمانويل ماكرون يدفع فرنسا لتبني النظام “الشمولي”

لا زالت فرنسا تعيش على وقع الاحتجاجات و التي تدخل أسبوعها الثاني، نتيجة اغتيال الطفل نائل ذو الأصول الجزائرية على يد أحد أفراد الشرطة.
و شملت المظاهرات و أعمال الشغب عدد من المقاطعات الفرنسية و التي جرّت من وراءها المئات من المعتقلين، مع طرح الكثير من الأسئلة حول الطريقة التي تعاملت بها الشرطة الفرنسية مع المواطنين، بحيث وثقت عدد من الفيديوهات لقطات لأفراد من الأمن و هم يتدخلون بطرق أقل ما يمكن القول عنها أنها “همجية” تعود بنا إلى زمن الأنظمة الديكتاتورية.
و لعل فرنسا التي لطالما دأبت على الافتخار بكونها مهداً للديمقراطية و حقوق الإنسان، و ذلك على لسان رؤساءها المتعاقبين و الذين حاولوا جاهدين خلال فترتهم الرئاسية الحفاظ على هذه الصورة دولياً و العمل على تعزيز مبدأ المساواة بين جميع أفراد المجتمع الفرنسي.
إلا أن إيمانويل ماكرون، و بشهادة الفرنسيين أنفسهم، يشكل الاستثناء الوحيد الذي عرفته الجمهورية الفرنسية الخامسة، ففي عهدته سواء الأولى أو الثانية، اشتهر ابن مدينة أميان بكونه صاحب أدنى مستوى من الشعبية، بحيث عبر أزيد من %75 من المواطنين عن عدم رضاهم عن طريقة تسيير شؤون البلاد من قبل زعيمهم، ناهيك عن فشله في وضع السياسة الخارجية لفرنسا على السكة الصحيحة و هو ما حذا بها إلى تراجع دورها على الصعيد الدولي في السنين الأخيرة.
لكن آخر ما جادت به قريحة الرئيس الأربعيني، هو تصريحة الغريب في أحد مراكز الشرطة و الذي نقلته صحيفة “لوباريزيان” حينما قال بالحرف “يجب أن نكون قادرين وبكل سهولة على فرض غرامة مالية على العائلات”، و هو ما يعد سابقة تاريخية لم يتجرأ أحد من سالفيه أن يتفوه بشيء مماثل.
وبناءاً عليه فإن هذا التهديد المباشر لأسر و عائلات المتظاهرين، ما هو إلا مؤشر على ظهور “ديكتاتورية” جديدة قوامها “العصا لمن يعصى” سواء كان الشخص بالغاً أو قاصراً، رجلاُ أو امرأة، طفلاً أو مسناً، كما يوحي أن فرنسا في طريقها نحو تبني نظام يفرض سلطته على المجتمع ويعمل على السيطرة على كافة جوانب الحياة الشخصية والعامة، مع رفضه القاطع وجود معارضة في البلاد.