توفيق بوعشرين مطالب بتغيير عنوان برنامجه إلى “كلام في الشياتة”

منذ خروجه من السجن صيف سنة 2024، بعد استفادته من عفو ملكي، لم يقدّم توفيق بوعشرين أي إشارة تدلّ على أنه مستعد للقيام بمراجعة أخلاقية حقيقية تجاه نفسه أولا و تحمل المسؤولية جراء الضرر المعنوي والأذى الجسدي الذي سببه لضحاياه ثانيا، كما لم يبدي أي رغبة صادقة في المصالحة مع الجمهور نتيجة الفضائح الجنسية التي تسربت له و التي وثقتها كاميرات مكتبه صوتا وصورة، وذلك بإصراره على الظهور أنه كان ضحية مؤامرة سياسية.

المؤسف في الطريقة التي عاد بها بوعشرين إلى الواجهة عبر بوابة بودكاست “كلام في السياسة”، أنها ظلّت قائمة على العناد و الإنكار المستمر لماضيه المؤلم و التعامل مع المجتمع ككتلة مواطنين بُلهاء مع رفض مواجهة الواقع باستعمال خطة الهروب إلى الأمام التي لن تجدي نفعا في مسار إعادة تحصيل الثقة و إرجاع الحد الأدنى من الاحترام الذي يصبو له بعد سنوات قضاها وراء الأسوار بعد متابعته بتهم ثقيلة تتعلق بالجنس والاتجار في البشر.

المدير السابق لجريدة “أخبار اليوم” اعتمد خطاب المظلومية المصطنعة مطالبا الجميع بتصديق روايته هو فقط، وكأن شهادات من اكتوين بنار “ميولاته” و شكواهن لا تستوجب الالتفات إليها مادام مقترفها هو محبوب العشيرة الحقوقية و الفتى المدلّل لدى النشطاء السياسين، و هم الذين عزروه و نصروه و قاموا بتطبيق خطة “عين ميكة” عن أفعاله، كما قالوا في ضحاياه ما لم يقله مالك في الخمر، من تشهير و تجريح و تقريع متجاهلين أنهن مجرد نساء لا حول لهن و لا قوة ما يزال الألم يعتصر قلوبهن الدامية ليومنا هذا بعد أن سلب بوعشرين كرامتهن و شرفهن.

عودة بوعشرين للأضواء عاد معها أسلوب التملق الذي اعتاد ممارسته منذ أن كان يحرر، قبل فترة سجنه، افتتاحيات كلها مدح و تمجيد لحزب العدالة والتنمية، جاعلا من مؤسسته الإعلامية “أخبار اليوم” آلة دعائية لكسب رضا هذا الحزب الذي كان يقود الحكومة آنذاك، زيادة على تقربه المشبوه من قياداته وإظهار نفسه متوافقاً مع توجهاتهم، و هو ما يكشف بوضوح مدى استعداد بعض الشخصيات الإعلامية لتقديم الولاء لأحزاب معينة مقابل مكاسب ظرفية.

تزلّف بوعشرين للأحزاب و الشخصيات استمر لما بعد فترة السجن، حيث سقط في منزلق أكثر فداحة بالتودّد لأصوات إعلامية مشهورة بمواقفها العدائية للمغرب و الاستفزاز المستمر لوحدته الترابية ونخص هنا بالذكر مذيعة الأخبار بقناة الجزيرة، خديجة بن قنّة، إذ من المؤسف أن تكون هذه المجاملة المبالغ فيها التي كتبها بوعشرين في تعليق فيسبوكي، من نصيب إعلامية جزائرية سخرت نفسها لخدمة نظام بلدها الذي يعتبر المغرب عدوه الأزلي.

ولعل ما زاد من تأزيم حال توفيق بوعشرين، تلك المقارنة الكاريكاتورية التي ألقى بنفسه فيها مع الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، وذلك بإضفاء صورة تشبيهية لحالته من حيث كونه من المثقفين الملاحقين سياسيًا، وهي المقارنة التي شكلت اعترافًا غير مباشر بمدى الفراغ الداخلي الذي يعاني منه، إذ أن جرأة صنصال و صراحته في الكتابة وانتقاداته المستمرة للنظام الجزائري، هي من أدت به في النهاية للاعتقال بعد سلسلة طويلة من المضايقات، على عكس زوج أسماء الموساوي، الذي تم حبسه نتيجة الإساءة لموظفاته و التلاعب بأجسادهن دون أي شعور بالمسؤولية.

أي قارئ بسيط سيفهم أن رغبة بوعشرين كانت هي تعويض إحساس النبوذ و التجاهل الذي طاله داخل المغرب نظرا لافتقاده المصداقية و المهنية، حيث رأى في “التشيات” لخديجة بن قنّة فرصة سانحة لاستهداف الجمهور العربي ولو كلّفه ذلك وضع نفسه في موقع الضعيف الساعي إلى استرضاءها بنعتها بمصطلح “الزميلة”، رغم أنها أساءت غير ما مرة للمغرب و المغاربة أشهرها حين وصفت العيون بـ “المدينة الصحراوية”.

إنّ ما يلزمك يا توفيق اليوم وأنت تلِج عالم “اللحيس” من أبوابه الواسعة، ليس منصة مبتكرة ولا مقارنة مبتذلة ولا “زميلة” جديدة. كل ما تحتاجه هو فقط تغيير عنوان برنامجك إلى “كلام في الشياتة”..

توفيق بوعشرين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى