فرحة الملك و الشعب

سعادة عارمة تلك التي انتابت المغاربة قاطبة وهم يتابعون مساء أمس مخرجات اجتماع مجلس الأمن الأممي حين أعلن القرار العظيم والغير مسبوق باعتماده وبشكل صريح مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الأساس الواقعي والعملي الوحيد للمفاوضات الرامية إلى إنهاء هذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء والذي عمّر لأزيد من نصف قرن.
وعلى غرار ما عشناه قبل أسبوعين بفوز منتخب الشباب بكأس العالم، تعالت الأصوات والهتافات من طنجة إلى الكويرة لتلخص بهجة المغاربة بانتصارهم هذه المرة في قضيتهم العادلة والتي تم تدبيرها بحكمة ورزانة داخل دهاليز المؤسسات الأممية، كما جسدت روح التلاحم الكبير بين الملك والشعب جاعلين من قضية الصحراء المغربية قضية وطنية و مشروع حضاري متكامل.
فرحة المغاربة صارت فرحتين بعد أن خرح الملك محمد السادس عقب صدور القرار، بخطاب استثنائي و بنبرة ارتياحية استهله بالآية الكريمة ” إنّا فتحنا لك فتحا مبيناً” في إعلان واضح و جلي عن بداية عهد جديد في سيرة المملكة المغربية الشريفة تحت حكم العلويين، عهد سيرسخ لمغرب المستقبل تلعب فيه المملكة دور البوابة الإفريقية وتكون جسراً للتواصل بين الشمال والجنوب.
من حق المغاربة كذلك أن ينتشوا بقرار مجلس الأمن التاريخي والذي أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الجزائر، والتي كانت بالمناسبة عضوا مؤقتا في مجلس الأمن، وشعبها الذي “حشرنا الله معهم في الجوار”، قُدر لهم أن يجروا الخيبات والصدمات الواحدة تلو الأخرى، وما بكاءيات إعلامهم الرسمي منذ يوم أمس لخير دليل على خيبة الأمل الكبيرة التي أصابت الجزائر، قيادة وحكومة وشعبا، حينما راهنوا على خسارة المغرب في هذا الملف وهم الذين ساهموا و لأكثر من 50 سنة في إطالة أمده بدعم مرتزقة البوليساريو ماليا، لوجستيا، ودبلوماسيا تحت ذريعة أسطورية اسمها “تقرير المصير”.
المنتظم الأممي وباعترافه بمغربية الصحراء رسمياً، يكون قد دق آخر مسمار في نعش عصابة الجزائر وصنيعتها “البوليساريو” كما سيعزز من عزلتها الدولية وتراجع نفوذها الإقليمي نظرا لتمسكها بخطاب تقليدي يدعم الطرح الانفصالي والقائم على سرديات ولى زمنها تعود لفترة الحرب الباردة لم يعد لها مكان ولا جدوى في وقتنا الراهن.
الجمعة 31 أكتوبر 2025 يوم مشهود له الناس، لن ينساه المغاربة وسيخلده التاريخ كمحطة فارقة تبرز نجاح المغرب في تحويل قضية الصحراء إلى نموذج عالمي للريادة الاستراتيجية، يجمع بين الشرعية التاريخية والفعالية الميدانية والتنمية الاقتصادية، ما يجعله قوة استقرار محورية على الصعيدين الإقليمي والدولي.



