“جيل زد” و أساتذة الجنس و الاغتصاب و الاختلاس (كاريكاتير)
أعادت مظاهرات “جيل زد” إلى الواجهة مرّة أخرى بعض العاهات الصحفية والحقوقية من ذوي السوابق العدلية، و التي اعتادت أن تمارس الوصاية على كل حركة احتجاجية أو شكل نضالي جديد، فيما الحقيقة أدهى من ذلك بكثير وأكثر سوداوية من السواد نفسه، وذلك لأنها أبانت الهوة الشاسعة بين ما يعلنه هؤلاء وما يضمرونه، جاعلين من خطابهم وسيلة لتبييض ذواتهم الملطّخة، متناسين أنهم ارتكبوا أخطاءاً جسيمة بحق أنفسهم و وَطنهم.
استضافة شباب “جيل زد” لبعض أفراد “الطابور الخامس” على منصة ديسكورد يعتبر ذنباً لا يغتفر، إذ لم يقدروا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في اختيار الضيوف ومراقبة تأثيرهم على الشباب. فأمثال توفيق بوعشرين، عمر الراضي و أبو بكر الجامعي يعتبرون مثالًا حيًا على العبارة القائلة : “فاقد الشيء لا يعطيه”.
هذا الحدث لن يمر مرور الكرام بطبيعة الحال، وسيُدرك هؤلاء اليافعون قريبًا أن التهاون في مثل هذه الأمور سيترك أثرًا طويل المدى على سمعتهم و يضرب في مصداقيتهم وسيندمون بلا شك على هذا الخطأ الجسيم حين تتضح تبعاته أمام جمهورهم و المتعاطفين مع مطالبهم.
غاب عن هذا الجيل أن الأستاذ المغتصِب، توفيق بوعشرين، متهم بالاعتداء الجنسي على مستخدماته في مكتبه باستغلال سلطته لما كان يشغل منصب مدير نشر جريدة اليوم 24، و ما عقوبة السجن التي تجاوزت ثماني سنوات إلاّ انعكاس لفداحة أفعاله الإجرامية.
استضافة بوعشرين على “ديسكورد” من طرف “جيل زد” لإعطاءهم دروسا في الحقوق و الحريات، يعتبر مع الأسف تطبيعا مع الاغتصاب و المغتصبين و استهتاراً بحقوق الضحايا الذين لم يكلّف “بوغريسين” نفسه يوماً عناء الاعتذار لهن.
في نفس السياق، لا يدرك “جيل زد” أن العميل عمر الراضي، لا يختلف كثيرًا في سلوكه عن بوعشرين، فقد اغتصب بدوره زميلته بالعنف و أمام أنظار صديقه عماد استيتو دون خجل أو حياء، ناهيك عن استرساله في إطلاق تصريحات تسيء للمؤسسة الملكية وهو ما يتعارض مع مبادئ هذه الحركة الشبابية الجديدة التي تحترم الملك و توقره.
إن إعطاء الفرصة للمتخابر عمر الراضي للإفتاء في شؤون الجيل الجديد، يبين أن الخطاب الحقوقي حين يُستغل لتغطية الجرائم الأخلاقية يفقد كل صدقية، و قد يصبح مادة للاستفزاز والتجريح المزدوج و التحريض على العنف، خصوصاً و أن الراضي سبق و أن وصف مخربي القليعة بـ “الشهداء” لا لشيء سوى للهجوم على أفراد القوات العمومية.
أما بخصوص أبو بكر الجامعي، الذي لازال يعاني ربما من غصّة إغلاق جريدة Le journal، والذي اختار الهروب إلى فرنسا تاركًا خلفه التزامات مالية تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن نضاله المعلن والمواقف الحقوقية التي يتبناها لم تكن إلا ستارًا يخفي وراءه حسابات شخصية بحتة، كما أن القيم التي يدعيها لم تكن يومًا جزءًا من ممارسته اليومية.
الجامعي صار معروفا لدى كل الأوساط الأكاديمية بأنه مفلس “علمياً” و ليس لديه ما يقدمه سوى اللغو و باطل القول، دون إغفال ارتقاءه إلى خبير في التطاول على المؤسستين الأمنية و القضائية و تشويه صورتهما بنشر كل الأخبار والدعايات الكاذبة.
إن الرسالة العميقة التي ينبغي أن يستخلصها كل مراقب أو متابع لاحتجاجات “جيل زد”، هي أن الحرية لا يمكن أن تكتمل دون أخلاق، وأن استخدامها إلى جانب شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان لتغطية الجرائم الشخصية لا يعتبر إلا إساءة للفكرة نفسها.
فالخطيئة الكبرى هنا لا تتجسد في الأفعال الفردية، و لكن هي محاولة تحوير مفهوم النضال و إخراجه عن سياقه ليصبح أداة لطمس الحقيقة وتزييف الواقع و الشحن السلبي لجيل جديد لم ينضج بعد.
على شباب “جيل زد” اليوم أن يتحلوا باليقظة والحذر من هذه النماذج، فليس بالضرورة كل من يزين كلامه بالمثل العليا و السمات الأخلاقية يحملها في قلبه، كما وجب عليهم التسلح بالمعرفة والفهم العميق للأحداث والمواقف لأنهما الدرع الواقي الذي سيحميهم من الانخداع والضياع و أن لا تؤثر فيهم كلمات العدميين الرنانة و وعودهم الفارغة، فالحكمة تكمن في التمييز بين الحقيقة والزيف، وفي بناء وعي جمعي قادر على حماية مطالبهم المشروعة دون الزيغ عن طابعها السلمي.



