كاريكاتير | دنو موعد الانتخابات التشريعية يستنفر عصابة “الشلاهبية”

في المشهد السياسي المغربي، حيث تتقاطع المصالح وتتشابك التحالفات، رُصدت مؤخرا تحركات غير طبيعية تهدف لتشكيل ائتلاف بين الصحفيين توفيق بوعشرين وحميد المهداوي من جهة، وعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، من جهة أخرى، حيث أن هذا التحالف الخفي، الذي صارت أخباره تتسرب في الكواليس، يهدف بالأساس إلى الترويج لبنكيران و حزبه في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، و ذلك باستغلال المنصات المستحدثة من طرف الإعلاميين المذكورين و التي كان من المفترض أن تبقى محايدة ومستقلة كما كانوا يزعمون.

و إذا كانت العلاقة بين الإعلام والسياسة، في جوهرها، وجب أن تقوم على التوازن بين النقد والموضوعية، إلا أن ما نلاحظه اليوم من تهافت نفر من الصحفيين لـ “التملق” إلى بعض السياسيين يتجاوز هذا الاعتدال، بجعل الإعلام مجرد بوق دعائي يُستخدم لترسيخ صورة زعيم سياسي بعينه على حساب تعددية الرأي والمواقف.

فبوعشرين، الذي لطالما عُرف بمواقفه القريبة من التيارات الإسلامية، لم يخفِ دعمه غير المباشر لبنكيران في فيديوهاته الأخيرة، ساعيا بذلك تلميع صورة الرجل وإظهاره بمظهر القائد المظلوم الذي حُرم من دوره الطبيعي في قيادة البلاد، أما المهداوي، فهو الآخر يسير على ذات المنوال، حيث يستغل حضوره الإعلامي لإعطاء بنكيران المساحة اللازمة لاستعادة وهجه السياسي، بعد التراجع الكبير الذي عرفه حزب العدالة والتنمية في السنوات الأخيرة وذلك على الرغم من أن مالك موقع “بديل” سبق له أن كال كل أنواع السباب و الشتائم للزعيم الإسلامي.. إلا أنه ارتأى في النهاية تطبيق المقولة الشهيرة “الراس لي ما يدور كُدية”.

علاوة على ذلك، فإن الترويج لشخصية مثل بنكيران، الذي شهدت تجربته الحكومية العديد من الانتكاسات، يمثل نوعاً من التضليل المتعمد للرأي العام الوطني، إذ أن صاحب المعاش “السمين” و رغم كفاءته الخطابية وشعبيته داخل أوساط معينة، لم يستطع تقديم حلول جذرية للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي كان يعاني منها المغرب في فترته، بل إن ولايته الحكومية تميزت بالكثير من السياسات المثيرة للجدل، التي كانت في معظم الأحيان محل انتقاد واسع مثل ملف صندوق المقاصة و  قضية المحروقات، ومع ذلك، أبى كل من ” بوكريسين” و “الهضراوي” اليوم إعادة تسويقه كخيار وحيد، وكأنه المنقذ المنتظر، في عملية تُدار بدهاء إعلامي مكشوف.

إن خطورة هذا المحور الثلاثي (بوعشرين/المهداوي/بنكيران) لا تكمن فقط في التأثير على الشارع المغربي، بل أيضاً في فتح المجال لوسائل الإعلام كي تتحول إلى ساحة للتلاعب والتوجيه، و هو ما سيفقدها دورها كسلطة رابعة مسؤولة عن مراقبة الأداء السياسي ونقل الحقائق بكل شفافية و مصداقية، ناهيك أنه حينما ينهار هذا الجدار الفاصل بين الإعلامي والسياسي، فإن النتيجة الحتمية هي فقدان الثقة في المؤسسات الصحفية إلى الأبد و بالتالي سنكون كمتلقين وجها لوجه أمام الأخبار الزائفة والبروباغندا الموجهة.

و يبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا التحالف دون أن تنكشف حقيقته أمام الجمهور؟ وهل يدرك بوعشرين و المهداوي أن التوافق مع أجندات عبد الإله بنكيران و التطبيل لحزبه و محاولة إرجاعه للواجهة السياسية لن تنسينا جرائمهم السابقة نذكر منها الاغتصاب و التآمر ضد الوطن ؟.

خلاصة القول إننا اليوم في حاجة ليس إلى إعلام يصفق للسياسيين، بل إلى إعلام حر ومستقل و نزيه يستوضحهم، ويضعهم أمام مسؤولياتهم، ويُنير الطريق للمغاربة بالحقيقة وليس بالدعاية المغلفة بلبوس المهنية الزائفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى