كاريكاتير | توفيق بوعشرين بين فضيلة الشرف في خطاباته وواقع الفساد في أفعاله

في عالم تتضارب فيه القيم و تسحق فيه المبادئ تحت وطأة الأطماع والشهوات، يبرز لنا الذئب توفيق بوعشرين كتمثيل صارخ للتناقض الإنساني بين ظاهر براق وباطن متعفن. ذلك الرجل الذي إعتلى منصات الخطابة مدعيا حمل لواء الشرف و الأمانة، و رافعا شعارات محاربة الفساد و التفاهة، بات في طيات الحقيقة ذئبا بشريا يتوارى خلف قناع المثقف المصلح المكتسي ثوب الورع و الزهد في زمن يعج بالمظاهر الزائفة.

بوعشرين بفصاحة منطقه و حلاوة بيانه يأسر عقول المستمعين و يستميل نفوسهم، وكأنه فارس الكلمة يذود عن الحق و يقارع الباطل، لكن بمجرد الغوص في أعماق سيرته يُماط اللثام عن رجل لا يتوانى عن تدنيس كرامة من وثقن به من العاملات في مؤسسته الإعلامية، مستغلا نفوذه و سلطته للعبث بعرضهن و إستغلال ضعفهن، مستبيحا حرماتهن دون شفقة أو وازع من ضمير. بوعشرين الذي يتحدث عن الشرف، و يتشدق بمحاربة الفساد، هو ذاته الذي يمارس أبشع صور الفساد الأخلاقي و الإنساني، متخليا عن كل معاني النبل و الرشد.

tawfiq bou20

وما يزيد المشهد قبحا ويضاعف من فداحة المأساة هو خرس من توهم الناس أنهم حماة العدالة وحملة راية الإنصاف. أولئك الذين تصدوا للمشهد العام بلبوس المدافعين عن الحق والمظلومين، فباتوا في حضرة جرائم بوعشرين كتماثيل صامتة لا تحرك ساكنا.

خارت كلماتهم وتبددت شعاراتهم، فكأنما أصابهم الصمم أو أعماهم بريق المصالح الذاتية وأغلال الأطماع التي قيدت ألسنتهم ومنعتهم من قول كلمة الحق التي يدعون حملها.

هذا الصمت المريب والتخاذل الظاهر ليس إلا وجها آخر من وجوه الانحطاط. فكيف يُعقل أن يدّعي هؤلاء أنهم من روّاد الدفاع عن المظلومين، وهم يتجاهلون صرخات المستضعفات اللواتي كن ضحايا ذلك الذئب البشري؟ أم أن الخطابة في الحق لا تتجلى إلا حينما تخدم أجنداتهم الخاصة، بينما يطمس الحق حين يكون الثمن باهظا أو المصالح على المحك؟

إن بوعشرين وأمثاله من المتاجرين بالكلمات والشعارات ليسوا إلا صورة مشوهة لما يمكن أن تصل إليه النفس البشرية حين تغلبها شهواتها، وحين ترتدي قناع الفضيلة لإخفاء مآربها الدنيئة.

ذلك التناقض الصارخ بين ما يعلنه وما يفعله يفتح باب التساؤلات حول مصير القيم في عالم يطغى فيه النفاق، وتتحكم فيه المصالح، لتصبح الحقيقة مجرد ضحية جديدة تدفن تحت أنقاض الطمع والجشع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى