الطّروحات الفارغة للأمير هشام العلوي بين التكرار والتناقض والرغبة في العودة إلى الأضواء الإعلامية

في محاولته لتفسير مسار الديمقراطية في العالم العربي، يعيد الأمير هشام استحضار أفكارا قديمة تتعلق بإمكانية التحالف بين الإسلاميين والتيارات اليسارية الراديكالية كوسيلة لتحقيق الديمقراطية، إلا أنها تظل أطروحات فارغة لا أساس لها ، حيث أن الواقع السياسي والاجتماعي في المنطقة يؤكد فشلها الذريع في تحقيق النتائج المزعومة.

ويشير الأمير إلى أن الإخفاقات التي أعقبت الربيع العربي ليست إلا مراحل من عملية تاريخية طويلة شبيهة بتجارب التحول الديمقراطي في أوروبا. ومع ذلك، فإن الواقع يوضح أن هذه التحالفات، بدلاً من تعزيز الديمقراطية، أدت إلى انقسامات داخلية حادة وصراعات على السلطة. والنتيجة كانت أزمات سياسية واقتصادية عميقة دفعت الشعوب إلى الحنين إلى الأنظمة الاستبدادية السابقة.

ويستشهد الأمير بتونس كـ”مختبر للديمقراطية العربية”، متجاهلًا الأزمات التي تواجهها اليوم، خصوصًا في ظل حكم الرئيس قيس سعيد، الذي أدت سياساته إلى تراجع كبير في مكتسبات الثورة.

إن القراءة السطحية التي قام بها الأمير لتجربة تونس تتجاهل التحديات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تواجهها البلاد، والتي تجعل من الصعب اعتبارها نموذجًا ناجحًا، الأمر الذي يمكن اعتباره مثالا مضللا للغاية من قبل الأمير.

أما بالنسبة لحركة 20 فبراير في المغرب، فإن الأمير يصورها على أنها المحرك الرئيسي للإصلاحات السياسية في البلاد. بيد أن هذه الرواية تتجاهل الحقيقة هي أن الحركة لم تكن تمتلك رؤية موحدة أو مطالب واضحة، حيث كانت تتألف من خليط غير متجانس من الأطياف السياسية والاجتماعية. والإصلاح الدستوري الذي قدمه الملك محمد السادس في 2011 كان جزءًا من رؤية وطنية أوسع، وليس مجرد استجابة لضغوط الحركة.

وفي مقابلة إذاعية مع RFI، يتحدث الأمير عن ضرورة مراعاة خصوصية كل دولة في مسارها الديمقراطي، وهو تصريح يتناقض مع انتقاداته السابقة لفكرة “الديمقراطية المتغيرة” أو النسبية. هذا التناقض يعكس افتقار الطرح الفكري إلى العمق والمصداقية، ويثير تساؤلات حول مدى جديته في تقديم حلول واقعية للتحديات التي تواجهها المنطقة.

في نهاية المطاف، يبدو أن الأمير مولاي هشام يعيد صياغة أفكار نظرية سبق أن ثبت عجزها عن التعامل مع الواقع العربي المعقد. في غياب حلول عملية ومقاربة تأخذ بعين الاعتبار التحديات الفعلية، تبقى هذه الطروحات مجرد نظريات أكاديمية فارغة لا تحمل أي تأثير فعلي على الأرض، معتمدة في انتشارها على شبكة من الدعم الإعلامي والدولي الذي يبدو أن الأمير يلجأ إليها أو يستثمر فيها من أجل العودة إلى الأضواء بعدما فشل في أن يسمع صوته، سواء داخل المغرب أو خارجه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى