أيام قليلة بعد الإفراج عن المغتصبين.. أحدهم يطعن في مروءة زملائه والآخر يريد إسقاط النظام كلية؟!!
ما من بيت أو أسرة تخلو من أبناء متعنتين أو لنقل متعصبين لمواقفهم. أحيانا يلجأ الآباء لمنطق “العين لحمرا” لتصويب الاعوجاج ولتقويم السلوك النشاز، وفي أحايين أخرى يحنو ولاة الأمر على الأبناء، وإن عصوا، وإن خرجوا مائلين من الخيمة ذات غفلة شيطانية. وما بين اللين والشدة، تستقيم الأحوال وكل راع يحافظ على رعيته المؤتمن عليها.
إنها قاعدة ذهبية تنهل من الدين والعُرف المجتمعي لإيصال الرعية إلى بر الأمان. إنما لكل قاعدة استثناء والاستثناء قد يتلاشى أمام الأغلبية. فكم من رب أسرة أدى الرسالة كما يجب ولم يحصد غير نكران المعروف والإحسان وجحود الأبناء!!!. لهذا زرع الخير في غير تربته وفي غير أهله قد يخلف عاصفة أو عُصاة يستمدون قيمتهم –إن وجدت- أساسا من هكذا كرم لا يستشعرون عمقه وأبعاده الإنسانية.
والقول ذاك، يبدو أن الجُناة قد استبد بنفوسهم الضعيفة جنون العظمة، غاية الاعتقاد بأن النظام المغربي ينظر لهم بعين الأبطال. عجبا، بل قد يبدو لهم أن النظام قد يستجيب لمهاتراتهم الجوفاء والتي يصنفونها ﺑ “القوة الضاغطة”. وإلا كيف يمكن لنا أن نفسر الهجمة المرتدة التي انخرط فيها مغتصب الصحافيات توفيق بوعشرين، بعد أيام قليلة من الإفراج عنه بموجب عفو ملكي سامي، حينما ارتضى لنفسه إمطار زملائه بوابل من العتب والتقريع لمجرد أنهم يمارسون عملهم بالتقيد بأخلاقيات المهنة؟؟ وكيف لنا اليوم أن نقنع ضحاياه وذويهم بأن المغتصب قد عقد توبة نصوح مع نفسه وربه ومجتمعه؟؟ فإن كانت للمُغْتَصِبين ذرة حياء فكان حريا بهم أن يخرجوا من البوابة الخلفية للمؤسسة السجنية ورؤوسهم مطأطئة خجلا مما اقترفوه. غير أن ما عايناه لحظتها أن توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي قد خرجوا من السجن ﺑ “الصلا والسلام عليك ا رسول الله”، وكأن المشهد جرى أمام بوابة الوصول في أحد المطارات حيث يُستقبل أبطال المغرب بحفاوة وليس أمام بوابة السجن.
ألم يكن ولو عاقل واحد ضمن جوقة “الحياحة” الملتفة حول المُغْتَصِبين المفرج عنهم حديثا كي يعيدوهم إلى رشدهم؟؟ أكان توصيف حجم المعاناة والمأساة الإنسانية واقعا يليق فقط بذوي المُغْتَصِبين أما محيط المُغْتَصَبين لا حق لهم في حفظ ماء وجههم وتطييب خاطرهم باعتذار علني صادق؟؟.
التعنت والابتزاز في الخطاب لم يقف عند هذا الحد فحسب، بل نُصبت الخيام وأُقيمت الحفلات “اليسارية المتطرفة” والتأم الأحبة فيما بينهم لزعزعة الثوابت -لفظيا على أبعد تقدير أما واقعيا فلمس غيوم السماء أقرب لهم من تحقيق هكذا أماني خبيثة- وصرنا بمقتضى مقررات أممية مفترى عليها انبرى في شرحها سليمان الريسوني أمام الجمع اللا محترم، دولة مجرمة. هل الوصاية الحقوقية والأستاذية الأجنبية هي من تُسدل علينا صبغة الإجرام كدولة سيادية تحتكم للقانون لتأطير الحياة العامة داخل البلاد؟ هل سيناريو إسقاط النظام كُتب بسواعد داخلية أو خارجية؟؟ وأخيرا وليس آخرا، ننتظر من هيئاتكم الأممية أن تقلد صدوركم بنياشين الزعامة كأول مغتصبين يُرْأَفُ لحالهم ولا يتعظون.