أداء الأمن المغربي بين تأمين المظاهرات والتظاهرات.. عرفان خارجي كبير

لنتفق في بادئ الأمر أنه لا معنى للحديث عن دولة مدنية دون وجود جهاز أمني يسهر على استتباب الأمن في مختلف ربوعها، بما يحفظ سلامة وممتلكات المواطنين من غضب لحظي قد يصدر عن بعض المتظاهرين الناقمين على الوطن، ويُتَرجم على هيئة خراب اجتماعي تتوسع دائرته لتشمل أشخاص غير معنيين بواقعة الاحتجاج أساسا. ونضرب في ذلك مثلا لأولي الألباب، قد يفقد مواطن سيارته بفعل تهشيم زجاجها لمجرد أنه ركنها بالشارع المحتضن للحدث، أو لا قدر الله قد تُزهق روح أحدهم أو تُفْقَأُ عيناه من فرط استئساد بعض المحتجين، في لحظة يرى فيها نفسه قاب قوسين من أن يحقق مطالب يصنفها ﺑ “المشروعة”، بينما قد تخلف لنا تحركاته اللاموضوعية – في أحايين كثيرة- شللا في الأبدان وفي الشوارع.

وحتى إن افترضنا جدلا أن المؤذي تسبب في ضرر لغيره دون نية إحداثه، فعلى الأقل يُفترض فيه أن يدفع الضرر عن نفسه، وهو المنطق غير السائد، غالبا، في جل المظاهرات الرامية إلى لي ذراع مؤسسات البلاد تحت ذريعة المطالبة ب “الدولة الاجتماعية”.

إذن، هنا مبتدى ومنتهى عمل الأجهزة الأمنية عبر العالم، وهي ترى في تدخلاتها الفيصل لحماية المواطنين من بطش المتظاهرين، بل حتى حماية المتظاهرين من أنفسهم الأمارة بالسوء، التي تدفعهم لنسج خيوط مسرحية “ركيكة” يتمرغون خلالها أرضا ويدعون أن “المخزن” يُنَكِّلُ بهم. ومنهم من لا يتفوه بكلمة لأنه متفرغ خلال المظاهرات لنهج “شدوني غنسخف” على مرأى من الكاميرات ومسمع من المتجمهرين. فيما آخرون يختارون قمم الشوارع المعلقة فتراهم يركضون صوب القناطر في شكل خلية النحل “السارح”، في مشهد يحرصون فيه على إحراج عناصر الأمن المكلفة بحسن سير المظاهرات “السلمية”. ونكررها الطابع السلمي الذي لا يحرص عليه أحد غير المؤسسة الأمنية، قد ظهر بجلاء خلال تجمهر نساء ورجال الصحة بشوارع الرباط، منذ أيام، وتأكد لنا بالملموس أنه متى حضر الاستفزاز المقصود تغيب السلمية المتحضرة التي يدعيها البعض.

“بغيتوها سايبة”، هو الأمر كذلك، فكيف يمكن للشرطة المغربية أن تنجح في توفير الدعم الأمني لعدد من الدول الصديقة بفضل خبرتها الكبيرة في تأمين كبريات التظاهرات الدولية، بينما ينتظر منها عدميي الداخل أن تتراجع إلى الخلف وتترك الأمن الداخلي للبلاد في أيدهم؟؟ ألسنا أولى بأمننا وبتدخلاته الاستباقية لردع كل متظاهر مخرب؟؟.

قد لا يعجب هذا الخطاب من أفزعتم خراطيم المياه، على مقربة من باب الأحد بالرباط، ولم يفزعهم وقوفهم الجماعي على حافة شارع معلق يطل على شارع آخر يعج بالسيارات وحركة السير داخله في أوجها. أكانوا ينتظرون من عناصر الشرطة أن تطلق الرصاص صوبهم وتُرديهم قتلى أم كان حريا بها أن تتدرج في استخدام القوة، كما فعلت، لحفظ سلامتهم، وهنا تم اللجوء إلى خراطيم المياه كوسيلة أقل ضررا متفق على استعمالها دوليا لثني المتظاهرين عن إيذاء أنفسهم والآخرين؟؟.

وبالمناسبة، تفصلنا أيام قليلة على انطلاق فعاليات الألعاب الأولمبية بباريس، حيث نجزم أن الأمن المغربي سَيُبلي البلاء الحسن وهو يلبي دعوة الفرنسيين لإعانتهم على تأمين هذا الاستحقاق الرياضي العالمي دون تسجيل خسائر في الأرواح أو الممتلكات. ولعل أبرز ما يقض مضجع قصر الإليزيه الإرهاب وتوابعه. ومن هنا إلى أن يصلنا صدى إنجاز أمني باهر كالذي بصمت عليه عناصر الشرطة المغربية بقطر إبان كأس العالم 2022، نتمنى لأمننا حظا موفقا بباريس، وننتظر من أعضاء الطابور الخامس أن يجهزوا ألسنتهم ومنابرهم للتبخيس!!!.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى