دعوات مقاطعة موازين و مساعي قوى الظلام لتدمير المناعة الهوياتية المغربية

إنتهى مهرجان موازين لكن لم تنته جراح الغزاويين بعد، لازال الحال كما عليه منذ  عملية طوفان الأقصى، تسعة أشهر مضت وكل شيء ثابث، والمتغير الوحيد هنا هي الهشاشة الفكرية و ضعف المناعة المجتمعية التي أبانت عنها فئة من المغاربة و كأنهم الأنعام أو أضل، يساقون كالقطيع بل اكثر، فحتى صاحب القطيع يجتهد و يتدبر في كيفية إقناع قطيعه بأن مصالحهما واحدة و مشتركة.

والحال أن هذه الفئة التي ظهرت في مجتمعنا لا تحتاج لكساب متمرس، يكفي ان تدغدغ مشاعرها بخطاب عاطفي مشحون بنبرة إستعطاف و لوم حتى تجدها خضعت و سلمت و تبعتك من غير تفكير بل و قدمت مصالحك على مصالحها و إستكثرت على نفسها كل مظاهر الفرح إن لم نقل الحياة.

لا ترقصوا على جراح غزة، هكذا بدأت حملة مقاطعة مهرجان موازين بذريعة أن تنظيمه يتنافى مع المواقف الإنسانية والتضامن المراد التعبير عنه إزاء “معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة، واللافت في هذه المقاطعة هو إنتشار مقطع فيديو لنشطاء فلسطنيين من غزة و هم يدعون المغاربة لمقاطعة موازين. فمن سمح لهؤلاء بالتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب و المغاربة؟ و لماذا المغرب بالذات؟؟ ماهي الخصوصية التي يتميز بها عن باقي الدول العربية الأقرب جغرافيا لفلسطين والتي أقامت مهرجاناتها دون أي تحريض على المقاطعة؟؟ بل حتى لبنان التي تعاني من تهديدات أمنية تستعد لإقامة مهرجانتها الفنية، و الجزائر التي لا تنفك تصدع  رؤوسنا بفلسطين ظالمة أو مظلومة هي الأخرى  شعبها يرقص على أنغام مهرجان الموسيقى الأوروبية دون أية مقاطعة والأدهى من هذا أن المهرجان أصلا تحت رعاية بعثة الإتحاد الأوروبي و كلنا نعلم موقف الإتحاد الأوروبي و دعمهم لإسرائيل، كان الأجدر بالجزائر الغير مطبعة و تونس إلغاء مهرجانتهم و عدم الرقص على جراح الغزاويين أم فقط المغرب المعني بكل مايتعلق بالحرب على فلسطين و كأنه طرف في هذا النزاع.

تظاهرات فنية عديدة يشرف المغرب على تنظيمها، فمهرجان كناوة كان بالتزامن مع مهرجان موازين لكن التركيز كان محصور فقط على  هذا الأخير، و الأكيد هنا أن التحريض على مقاطعته ليس بمحض الصدفة… فلها من الأسباب مالها حيث يستمد المهرجان قوته من رعاية خاصة للملك، خصوصا وأن جمعية مغرب الثقافات التي تنظمه، أسسها مستشار الملك محمد منير الماجيدي، و أي شيء يتعلق بالملك يسعى بعض المحسوبين على المغاربة المس به لخلق الفجوة بينه وبين الشعب.

و لعل هذا ماكانت و لزالت جماعة العدل و الإحسان تحاول فعله، فمنذ تأسيسها منتصف سبعينيات القرن العشرين، وهي تتربص بالنظام الملكي والدولة المغربية بغية الإنقلاب عليهما وذلك بنشر أيديولوجيتها وسط المواطنين عموما، والشباب منهم على وجه الخصوص، بهدف إعدادهم فكريا وعقديا لاعتناق أفكارها والانخراط في مشروعها السياسي والاجتماعي، حيث يقتضي هذا المستوى تحريض الأعضاء والأتباع على النظام لخلق شريحة اجتماعية مناهضة للملكية. سواء بإسقاط فتاويها الفقهية الشاذة أو بالخروج عن قرارات الدولة.

وبالحديث عن الخروج عن قرارات الدولة، لازالت جماعة العدل و الإحسان تحاول جاهدة حشد المواطنين وتجييشهم ضد الملك، لكن سرعان ماتبوء محاولتها بالفشل فلم تجد الجماعة شيء تثبت به نجاحها سوى دعوة المغاربة بالتظاهر ضد العدوان على غزة و بإجبار النظام على إسقاط التطبيع، مستعينة بخطاب عاطفي مشحون بنبرة إستعطاف ولوم علها تحقق غاياتها في إثبات ما تحاول إثباته لبعض الجهات المتربصة ببلادنا، و هذا الذي تجهله بعض الفئات المحسوبة على المغاربة و الذين ينساقون وراء عواطفهم دون أية عملية فكرية.

ويبدو أن هذه الهشاشة الفكرية التي أضحت تعاني منها بعض شرائح مجتمعنا سمحت للعادي و البادي إستباحة المغرب و المغاربة دون أي خوف. فالمغاربة شعب حنون وطيب يمكنك أن تمس بمقداسته و أن ترمي عَلَمَهُ في الأرض و تسب نسائه كما تشاء وقتما شئت مادمت فلسطيني. يمكنك فعل كل مايحلو لك… فنحن المخطئون و أهل فلسطين المصيبون.

بعض المحسوبين على المغاربة مستعدون دائما و أبدا لإيجاد مبررات لكل فلسطيني لدرجة أن يشخصنها مع مواطنه في سبيل إرضاء أي غريب و مافعله المغني الفلسطيني الذي جاء ليرقص على جرح أهل غزة بمهرجان كناوة خير مثال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى