نظام الكابرانات ”يُقبر” الاقتصاد الجزائري بمحاكاته لروسيا في مسألة استعمال الغاز كأداة للضغط السياسي

ستواجه اسبانيا أزمة كبيرة لتلبية ارتفاع الطلب على الطاقة في فصل الشتاء، خاصة بعد إعلان الجزائر إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يزودها بجزء كبير من احتياجاتها.
ومع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أسعار الطاقة، أرسلت مدريد أحد المسؤولين إلى الجزائر للحصول على تأكيدات بأن الإمدادات ستكون مضمونة.
الجانب الجزائري حاول طمأنة اسبانيا عبر خط الأنبوب المباشر “ميدغاز”، لكن تبقى اسبانيا قلقة من أن هذا المصدر قد لا يكون قادرا على تعويض النقص، لهذا لا تبدي حكومة مدريد الكثير من الثقة في البدائل التي تطرحها الجزائر لتأمين حاجيات إسبانيا من الغاز عبر خط “ميدغاز” الذي يقدمه هذا البلد المغاربي كبديل لخط “ميغ” المار من المغرب، حيث يطرح الإسبان الغاز القطري كبديل محتمل ليس فقط للاستجابة للطلب الداخلي المتوقع أن يرتفع شتاء هذه السنة، ولكن أيضا لتصديره عكسيا إلى المغرب.
المغرب لديه على المدى القصير عدة بدائل لتزويد نفسه، والتي يمكن أن تكون عبر “شراء المزيد من الوقود والفحم، أو استيراد المزيد من الكهرباء (من خلال كابلي الربط الكهربائي بين إسبانيا والمغرب).
على المدى المتوسط، لدى المغرب إمكانية استيراد الغاز الطبيعي المسال، عن طريق ناقلات الميثان؛ والتقدم في خطته لتطوير الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء.
وتدرس الحكومة أخنوش إمكانية بناء أول وحدة عائمة لتخزين وإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال، من خلال مناقصة أطلقتها مؤخرا وزارة الطاقة المغربية.
ووفقًا لوثيقة المناقصة، يجب أن يقترح هذا المشروع نظامًا “يسمح باستقبال وتخزين وإعادة تحويل الوقود إلى غاز يمكن أن تكون بنيته التحتية موجودة في أحد الموانئ المقترحة وهي بـ”الناظور، القنيطرة، الممداية والجرف الأصفر”.
وأشارت الوثيقة نفسها إلى أن هذا المشروع يجب أن “يستجيب لاحتياجات السوق المقدرة بـ1.1 مليار متر مكعب، منها 0.6 مليار متر مكعب مخصصة للصناعة في أفق 2025”.
المغرب على أي حال أكد أنه يعتمد فقط على 5 بالمائة من الغاز لإمداده بالطاقة، ولن يؤثر القرار الجزائري على المغرب بأي شكل كان، فنظام الكابرانات يحاول محاكاة الإستراتيجية الروسية، حيث أن الدب الروسي دائما ما استعمل الغاز كأداة للصراعات السياسية، كما رأينا في الآونة الأخيرة مع أوكرانيا ومولدوفا.
نظام الكابرانات يظن على أن هذه الإستراتيجية ستكون أداة ناجعة من أجل الضغط على المغرب، لكن الأخير لم يبدي أي اهتمام بهذا الأمر، حيث أنه اكتسب اليد العليا، بفضل انتقاله من موقف دفاعي إلى دبلوماسية هجومية في إفريقيا وخاصة في منطقة الساحل، ناهيك عن الانتصارات الدبلوماسية المتتالية بمجلس الأمن الدولي في ملف الصحراء، بالإضافة إلى افتتاح القنصليات بالمناطق الجنوبية المغربية.
الجزائر في مأزق حقيقي حيث تنطلق في رحلة متهورة، حسب ما أكده بيير رزو، المدير الأكاديمي لمؤسسة الدراسات الإستراتيجية المتوسطية (Fmes)، مضيفا بأن المكسب الجيوسياسي لهذه المبادرة الجديدة الجزائرية هو ”صفر” ، بسبب خط ”ميدغاز” الذي لن يستطيع إيصال الحجم المتفق عليه من الغاز، بالإضافة إلى الاعتماد على شحنات الغاز بواسطة ناقلات الغاز الطبيعي المسال، وهو أمر غير مؤكد نظرًا للندرة الحالية لهذه القوارب في السوق والتي ينبغي أن تؤدي أيضًا إلى زيادة الأسعار بالنسبة لاسبانيا، لهذا فإن هذه الأخيرة ستقوم بالبحث عن عدة بدائل جديدة كما فعلت عندما توجهت إلى قطر، ما سيجعل التعامل مع الجزائر أمرا غير مجديا وسيعود بالكارثة على الاقتصاد الجزائري مستقبلا.