محكمة النقض: “زواج الفاتحة” بقاصر جريمة هتك عرض
أصدرت محكمة النقض بالمغرب مؤخرا، قرارا مبدئيا يعتبر أن الزواج العرفي بطفلة يعتبر جريمة هتك عرض يعاقب عليها القانون الجنائي، وفق ما نقلته منصة المفكرة القانونية المتخصصة في الأحكام القضائية والشؤون القانونية.
وأوضحت المنصة، أن أهمية هذا القرار تكمن في كونه يعيد إلى الواجهة إشكالية الزواج العرفي بالمغرب، والذي ينتهك حقوق عدة طفلات، ويؤدّي إلى ارتفاع نسب التسرّب المدرسي كما يعرضهن لمخاطر صحية جسيمة، إذ تسجل سنويا أزيد من 130000حالة لتزويج الطفلات، بشكل قانوني، إلى جانب حالات أخرى للزواج غير الموثق والتي يصعب حصرها.
وتتعلق وقائع القضية، حسب المصدر ذاته، في إقدام شخص طاعن في السنّ على إقامة حفل زواج عرفي بطفلة في إحدى قرى الأطلس الكبير بمدينة ورزارات، حضره عدد كبير من المدعوين، وذلك من دون سلوك مسطرة الزواج بالقاصر ومن دون احترام مسطرة زواج التعدد المنصوص عليها في مدونة الأسرة، وبعدما قام بافتضاض بكارتها، فرت الطفلة من جديد إلى بيت أسرتها، ورفضت الالتحاق ببيت الزوجية.
وعند إشعار النيابة العامة، يضيف المصدر، قررت متابعة الزوج من أجل هتك عرض قاصر بدون استعمال العنف، وأحالته على جلسة الحكم للمحاكمة أمام غرفة الجنايات، وخلال مناقشة القضية أثار دفاع المتهم انعدام الركن المادي والمعنوي في الجريمة، لكون المتهم تزوج بالفاتحة، بالمشتكية، بحضور ولي أمرها، ومباركته، وبحضور عدد كبير من المدعوين للوليمة التي أقامها بمناسبة حفل الزواج، موضحا بأن ارتباط المتهم بزوجة أخرى ورفضها منحه الإذن بالتعدد، جعله مضطرا للاكتفاء بالزواج العرفي، وهو زواج شرعي يعترف به القانون.
استمعت المحكمة لوالديْ الطفلة اللذين أكدا أنهما قاما بتزويجها للمتهم، بالفاتحة، لتعذر حصول الزوج على إذن المحكمة، كما أكدت الأم أن المتهم رافق ابنتها على متن سيارته إلى بيت الزوجية عقب حفل الزواج، واختلى بها، ومارس عليها الجنس، وأنها عاينت بقع الدم بسريرها في صبيحة اليوم الموالي، كما استمعت المحكمة لعدد من الشهود الذين أكدوا حضورهم لحفل الزواج، وعدم علمهم بما اذا كان الزوج قد حصل على إذن قضائي بالزواج بقاصر.
قررت المحكمة إدانة المتهم من أجل المنسوب اليه ومعاقبته بالسجن النافذ لمدة ثلاث سنوات، وأدائه للطفلة تعويضا قدره 40000 درهما، وهو القرار الذي طعن فيه المتهم لكون الشهود لم يعاينوا العملية الجنسية، وإنما حضروا فقط حفل الزفاف، ولكون الأمر يتعلق بزواج شرعي، لا يمكن اعتباره جريمة هتك عرض معاقب عليها.
موقف محكمة النقض
أيدت محكمة النقض القرار الاستئنافي فيما قضى به من إدانة المتهم من أجل جريمة هتك عرض قاصر، وذلك اعتمادا على العلل التالية، تصريحات الطفلة بأن المتهم طاعن في السن ومتزوج بامرأة أخرى وقد تزوجها بالفاتحة دون عقد زواج، ومارس عليها الجنس وافتض بكارتها.
وتصريحات والد الطفلة بكون المتهم قام بنقل الطفلة إلى بيته على أساس أنها زوجته، بعد تلاوة الفاتحة، لتعذّر إجراء مسطرة التعدد لرفض الزوجة الأولى، بالإضافة إلى تصريحات أم الطفلة بأن المتهم اختلى بابنتها بعد انتهاء حفل الزفاف ومارس عليها الجنس وقد عاينت في صبيحة اليوم التالي بقع الدم بسريرها.
وتأكيد المتهم أنه تزوج بالطفلة من دون سلوك المساطر القانونية اللازمة، وعليه اعتبرت محكمة النقض أن محكمة الموضوع بينت بشكل واضح قناعتها واستعملت فيما انتهت إليه سلطتها في تقدير ما عرض عليها من وقائع وأدلة، وعللت قرارها بما فيه الكفاية، مما يجعل طلب النقض مرفوضا.