محمد زيان.. ولنا في الخيال “حياة يومية” حينما يداهمنا الواقع بمرارته (كاريكاتير)

ولَكَمْ من امرئ حالت فداحة الصدمة بينه وبين نفسه لاستيعاب مرارة الواقع فصار يجد عزائه في الخيال ويُمَنِّي النفس من خلاله ﺑ “زعامة” موقوفة التنفيذ. لكن الحالة الماثلة أمامنا اليوم، لها من الخصوصية ما يجعلها تهرول صوب الخيال بوعي أو حتى دون وعي منها. إنه المحامي المثير للجدل محمد زيان يا سادة، الذي لا تربطه بمهنة المحاماة غير سواد بدلتها ليس إلا. رجل القانون الذي تأبط النصوص القانونية ومضى في فساده دون حسيب أو رقيب، إلى أن بلغ السيل الزُبَى وزَكَّمَتْ الأُنُوف رائحة ممارساته اللاأخلاقية. وما أن انكشفت عورته وصارت حديث الداني والقاصي، حتى انبرى بمعية ثلة من الطوابرية إلى التشبث بأهداب نظرية الاستهداف وتكميم الأفواه، على اعتبار أن أمثال شيخ المتصابين محمد زيان له من المَلَكَة ما يسعفه على تركيب جملة مفيدة دون أن تعترضه لجلجة لسانه (وهي نوع من اختلال الوظائف المرتبطة بالتعبير السليم) حتى يُقَام له وزن أو يُحْسَبُ ألف حساب لخرجاته البهلوانية التي كان يكسر بها رتابة ردهات المحاكم ويمنح المتقاضين عبرها شيئا من الفرجة خلال الفسحات التي تتخلل الجلسات.

من أعمق صور الإنسانية بلاغة تلك التي تتجلى في مقولة “الصديق وقت الضيق”، ولكم من أشباه الأصدقاء قادوا رفقائهم صوب حذفهم المحتوم، بل وزادوهم غرقا ومشقة لأنهم سلموهم زمام أمرهم وفوضوا لهم البث في شؤونهم، فيما يشبه السماح للغير بممارسة الوصاية الفكرية عليك وكأنك ناقص عقل أو قاصر فكر. وما يعيشه اليوم “صياد موكلاته” من غُبْنْ ومآسي داخل زنزانته إنما مرده ثقته اللامشروطة في تجار حقوق الإنسان، ممن أقنعوه أن إطلاق عقيرتهم للصراخ باسمه قد تنتهي بمعانقته الحرية أو تعيد لسجله العدلي بياضه الناصع.

وحتى لو تقيدنا بمنطق أن التضامن والتعاطف من حق الجميع، بما فيهم المذنبين والمدانين، فمن نَصَّبُوا أنفسهم اليوم مدافعين عن شخص محمد زيان القابع في سجن العرجات حاليا على خلفية سيل من الجرائم تم البث في بعضها والباقي رهن الانتظار، ليسوا إلا متورطين سبقوه إلى مضمار الفساد والخروقات المرتكبة تحت يافطة “حقوق الإنسان” و”حماة الدين”. فماذا عساه فاعل من تورط في تبييض الأموال واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية نكاية في الوطن، لزميل له يطالب بذهب طاطا وينتهي به المطاف في حضن “طاطا المتزوجة”؟؟ وهل من عاقل يستوعب كيف أن لحارس معبد الدين الإسلامي -زعما- أن يتمكن منه الجبن والخوف ويبتلع لسانه في مواجهة حارق المصحف الشريف بدولة السويد وعلى مرأى ومسمع من العالم؟ أما الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي عملت على إخفاء حقيقة اغتصاب عضو بذات الجمعية لفتاة بقلب المقر في عز رمضان، فلن تعوزها المهارة لإعلاء شأن “صياد موكلاته”.

وفي المحصلة، قد ينجح سليل العدل والإحسان وأصحاب السوابق الحقوقية في تهدئة رَوْعْ كهل المحامين محمد زيان ولو مؤقتا، عبر رفع شعارات واهية بين الفينة والأخرى أمام عدسة كاميرا جريدته “روتيني اليومي” ويضخمون أناه الأعلى بإخباره بأن المغرب والمغاربة يقفون وقفة رجل واحد لنصرته لأن الرجل يوجد حاليا بين أربع حيطان ولا يرى أبعد من رجليه. لكن توالي الأيام واستقرار حقيقة الأمور كفيل بأن يثبت للمعني بالأمر أنه كان ولا يزال مجرد رقم في سجل “خرفان” تجار حقوق الإنسان. وملقانا في الذكرى السنوية الثانية لولوج محمد زيان سجن العرجات ولتبدع آنذاك حناجر رفاقه الحقوقيين مهدئات نفسية جديدة على شاكلة “Free Ziane” تعينه على واقعه الجديد.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى