إجبارية جواز التلقيح.. الوثيقة الصحية التي غذت عطش هواة الاحتقان الاجتماعي

الاختلاف في وجهات النظر تمرين حضاري محمود، وإبداء الرأي في الإشكاليات التي تعتري الواقع المعاش ليس عيبا. لكن العيب كل العيب، أن يتم تحميل احتجاجات صحية ما لا تحتمله. الدعوات الفايسبوكية المنادية بالنزول إلى الشوارع بمختلف المدن المغربية بهدف الاحتجاج ضد إجبارية جواز التلقيح، اعتمد معدوها “المتطرفين” ممن يتحينون الفرص للانقضاض على الدولة، (اعتمد) على سياسة دغدغة المشاعر لحمل الناس دون وعي منهم على اتخاذ الشوارع العامة كمرتع لترديد شعارات لا ناقة ولا جمل لهم فيها.
فقد أخذت الحماسة المتظاهرين أكثر من اللازم، ضد إجبارية جواز التلقيح باعتباره الآلية الوحيدة حاليا لحماية الأمن الصحي للمواطنين، وأنستهم أن هذا الإجراء الاحترازي قد تم اعتماده في بلدان العالم لتسريع العودة إلى الحياة الطبيعية وليس حصرا على المغرب فقط، تجنبا لانتكاسة صحية محتملة قد تهدر كل المكتسبات المحققة في هذا الإطار.
فالمناداة “بجسمي حريتي” لا تمر بالضرورة عبر تبني منطق الكذب وتضخيم الحقائق بغية زرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين البسطاء، واستعبادهم بمعلومات مغلوطة للتحكم في عقولهم. فمنهم من خرج علينا بمئات وعشرات الأسماء، قيل أن اللقاح قتلهم، وآخرون أصيبوا بالشلل، فيما البعض أصبح يعاني من هزالة العظام. في حين واقع الحال، يثبت بالملموس توافد العشرات والمئات على مراكز التلقيح يوميا للاستفادة من جرعات اللقاح، لأن المواطنين ضاقوا ذرعا من حالة الجمود والركود التي خلفتها جائحة كورونا خلال الحجر الصحي ويأملون أن تعود الحياة لسابق عهدها.
لكن كما تابع الجميع الاحتجاجات الرافضة لإلزامية جواز التلقيح زاغت عن مسارها بفعل من يقفون بخبث وراء التخطيط لاحتلال الشوارع العامة. فبعدما كانت المطالب تدور في فلك التلقيح وما يصاحبه من إجراءات، أصبح هواة الاصطياد في المياه العكرة يرفعون شعارات من قبيل غلاء الأسعار ومخرجات الانتخابات الأخيرة، أو حتى تشميع البيوت… أو حتى دعوة شرائح مختلفة من المجتمع المغربي على غرار الإلتراس، لإضفاء طابع الانتفاضة على الاحتجاجات ودفعها نحو المواجهة مع الدولة ومؤسساتها مما يبرهن على اختراق دعاة الفكر الهدام للاحتجاجات الرافضة لإجبارية التلقيح.
فلا وفقكم الله فيما تسعون له من تقويض أمن وصحة المغاربة في سبيل تحقيق مآربكم الخبيثة.