من الاستقصاء “المزعوم” إلى خدمة أجندات الإرهاب.. علي لمرابط يتطرف (كاريكاتير)

عدم الأمان المزمن هو إحساس يُرافق كل شخص أو جهة تعيش على أعصابها كلما طرأ ما يحجبها وراء الشَفَقْ أو كلما سطع نجم غريمها الذي يملك من المقومات، حتما، ما يجعل النجاح يليق به ويحالفه أينما حل وارتحل. هذا الخواء النفسي، وكما يثبته الواقع بوقائعه، يجعل عديمي الأمان أحاديي التفكير والتوجه حينما يَهُمُّونَ إلى التوسل بالبائد من الحلول وأكثرها بلادة، وهي محاولة طمس النور وإقناع الذات ومن اشتراها ﺑ “البترودولار” بأن الفتوحات الظلامية قدر يتقاسمه الجميع ولا يمكن لأحد أن ينجو من براثنه، أو بمعنى أدق لا يمكن لأحد أو للزمن أن يتجاوز خطاب دُعاة العدمية والتبخيس.  

هي اختلالات تنطلق في أبسط مستوياتها من تعاملات بني البشر فيما بينهم لتصل إلى أعتاب الأنظمة السياسية حيث تكرس لنا ما يصطلح عليه ﺑ “الفوضى الخلاقة”، الرامية إلى زرع فتيل الاضطراب ضمن نطاق دولة بعينها، عبر الاستعانة بخدمات أفراد وعناصر يُعهد لهم بمهمة صناعة وإثارة قضايا بنية مبيتة، لفرض تجاوزات وهمية غايتها خلق رجة بين مكونات المجتمع الواحد ونشر ثقافة التخوين والتشكيك بين أبنائه، أكانوا مواطنين عاديين أو مسؤولين عموميين.

علي لمرابط وهو يناوئ ضد الوطن من داخل إسبانيا منفاه الطوعي، يعلمنا اليوم درسا للتاريخ جوهره “الراس اللي ما يدور كدية”، وأن الإنسان مجبول على التطور وتطوير الأداء بغض النظر عن شرعية الخطوات من عدمها. فبعدما أخذ صف النصاب مهدي حيجاوي، المقدم للرأي العام الوطني والدولي من طرف جوقة العدميين على اعتباره خبير أمني مزعوم داخل المديرية العامة للدراسات والمستندات، عاد اليوم خادم الكابرانات بأسطوانة جديدة مشروخة تضرب في العمق أمن وأمان الوطن، وتأمل تقويض “معنويا” كافة الجهود المؤسساتية المبذولة لقطع دابر الإرهاب وتجفيف منابعه بالساحل من حيث يصب مخلفاته بالمغرب بين الفينة والأخرى.

إن علي لمرابط، موزع مأذونية الأهلية لممارسة المعارضة الرقمية العدمية، يضرب اليوم الأخماس في الأسداس لأن رهان زعزعة المؤسسات الأمنية المغربية من الداخل لم يُأتي أُكله، وأن إحراج أمنيي المغرب بزميل “مزعوم” لهم لم ينل من همتهم، لأن المسعى لم تتحقق فيه شروط آلية الاستقصاء الحقة، التي تُلحق التهمة بالدليل والواقعة بظروفها المحيطة.

وكان من مُفرزات الاستقصاء المفترى عليه أن أصبح، بحسب مدير موقع “دومان” سابقا، مهدي حيجاوي، طريد LA DGED عام 2010، قارئا للطالع ومُلما بتفاصيل العملية الإرهابية التي استهدفت مقهى أركانة في مراكش بتاريخ 28 أبريل 2011، أي سنة بعد مغادرة المعني بالأمر للإدارة الاستخباراتية المذكورة.

وهنا تبرز النواقص والنواقض: من أين قد يستقي حيجاوي “العاطل” معلومات حول حادث أركانة الإرهابي حتى يتمكن من تسريبها إلى الصحافة؟؟ حل وناقش!! وقبلها بسنوات، تفجيرات الدار البيضاء بتاريخ 16 ماي 2003، الحدث الفيصل الذي صقل إثره الأمن المغربي أدائه وأضحى بعده صخرة صلبة تتكسر فوقها شوكة الإرهاب دوليا. حيجاوي الخارق دوما وبصفته ينتسب إلى المخابرات الخارجية يقف، وفقا لسردية لمرابط البليد، خلف تسريبات تُلصق واقعة التفجيرات بالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني باعتماد تقنية التفجير عن بعد، علما أن الواقعة الدامية نُفذت من طرف عناصر انتحارية، لكن لمرابط “المتطرف” يهوى سيناريوهات المسامير و “الكوكوط مينوت”، لكونها في الأصل شعاره في الحياة “الجاهز” و”المكتوب” تحت الطلب ومن داخل الثكنات “العسكرية” يفي بالغرض ويُطيل أمد الرضا وبحبوحة العيش.

إن ما يصدر عن علي لمرابط اليوم من تجاوزات جمة في حق الوطن ليست إلا لسانا جزائريا خالصا يرهن مستقبل بلاده “الضبابي” بحاضر المغرب وتفوقه وامتداده الإقليمي والدولي اللذان يرخيان بظلالهما على وحدة الصف والأرض المغربية. أما مهدي حيجاوي وغيرهما في الماضي البعيد والمستقبل القريب ليسوا إلا عناصر تأسيسية لسيناريوهات تُكتب بحرقة الفاشل وحنق المُطوق من كل حدب وصوب بأزمات داخلية غير معروفة المصير ولا الأمد.

لهذا، يَدفعون من حين لآخر، بأصوات نشاز إلى الواجهة كي تخلق توازنا نفسيا لدى الجيران وتصرف انتباه مواطنيهم عن ما يعتمل الضرس الداخلي من “سوسة” غائرة لن ينفع معها إلا “الاستئصال”. ولا عجب إطلاقا ونحن نرى رفيق بعض الإسبان من رُعاة الطرح الانفصالي بالصحراء المغربية وهو يجنح كلية نحو التطرف “الدامي” بعدما خَبِرَ طويلا توظيف المصطلح وما ينطوي عليه من نبذ لكل ما هو وطني. والآن، لم يعد في جعبة الرجل شيء يدعو للاستغراب أو يخلق الحدث غير أن توظفه “داعش” في القادم من هجماتها الإرهابية كناطق رسمي يتبنى باسمها التفجيرات ويبارك نجاحها!!!

“بئس ما اشتروا به أنفسهم”. صدق الله العظيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى