المغاربة يدقون المسمار الأخير في نعش “الإسلام السياسي” وانتخابات 8 شتنبر تعيد حزب العدالة والتنمية إلى نقطة الصفر !

يعيش حزب العدالة والتنمية على وقع الهزيمة القاسية التي حظي بها في انتخابات الثامن شتنبر، حيث كشفت وزارة الداخلية المغربية، أن حزب التجمع الوطني للأحرار تصدر نتائج الانتخابات التشريعية بمجموع 102 مقعدا، بينما أحرز حزب العدالة والتنمية 13 مقعدا فقط، ليحتل بذلك المركز 8 على مستوى المقاعد البرلمانية المتبارى عليها في جميع ربوع المملكة المغربية.
وقد عرفت نسبة المشاركة في الانتخابات زيادة مهمة مقارنة مع النسب المسجلة في السنوات السابقة، إذ توجه أكثر من 50 في المائة من المغاربة المسجلين في اللوائح الإنتخابية إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس الجماعية والمجالس الجهوية ومجلس النواب.
وفي هذا الإطار، أعلن لحسن العمراني، القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية، في تدوينة نشرها على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك أن ” المصباح” هزم انتخابيا ويلزمه الاعتراف بذلك واستخلاص ما يلزم من نتائج، والأهم اتخاذ الخطوات العملية الضرورية، كما أشار أن الهزيمة مؤلمة ولكنها ليست نهاية المسار، معلناً بذلك أن حزب العدالة والتنمية سيواصل العمل في إطار سياسي، إلا أنه سيحاول تجديد برامجه وهياكله لتجاوز الغضبة الشعبية.
وبهذا الخصوص، أكد العديد من المحللين السياسيين، أن العدالة والتنمية مني بهزيمة مدوية وفقد معظم مقاعده في مجلس النواب، نظرا لحصيلته الحكومية “المخيبة للآمال”، وبالتالي فإن الناخبين المغاربة مارسوا حقهم في التصويت العقابي، ليسقطوا بذلك آخر معاقل تيار “الإسلام السياسي”بالمنطقة العربية.
وكما هو معلوم فإن حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، استغل الدين من أجل ممارسة الإستمالة السياسية للمغاربة، لكن بعد مرور 10 سنوات من توليه الحكم، أثبت و بالملموس فشله الذريع في تسيير شؤون البلاد و العباد، ما أدى إلى انتكاسة سياسية حقيقية، عجلت بتنامي الرفض الشعبي لحكم هذا “التنظيم السياسي” الذي انخفضت شعبتيه بشكل ملحوظ في أوساط المواطنين المغاربة.
ومباشرة بعد انتهاء التصويت بجميع مراكز الإقتراع، سارع القادة البارزون بالحزب إلى التشكيك في نزاهة الانتخابات، كما توعدوا المنافسين باللجوء إلى القضاء، لكن نظرية المؤامرة كانت الوسيلة الوحيدة للخلاص، وذلك عبر نشر بلاغات وتدوينات شعارها “الكذب”، حتى لا يفقد الحزب ما تبقى له من ماء الوجه أمام انصاره من التيار الإسلامي الممتد من المحيط إلى الخليج، خصوصاً وأن العدالة والتنمية سبق وأن قدم نفسه كبديل للأيدولوجيات العلمانية التي تبنتها الأحزاب الأخرى.
ومن الملاحظ، فإن دور الإسلامين قد تراجع بشكل كبير على المستوى السياسي بالمغرب، كما أن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية يستعد للقيام باجتماعات ماراطونية من أجل تبرير الهزائم التي تكبّدها خلال الانتخابات التشريعية.
وحسب ما تم تداوله عبر شبكات التواصل الإجتماعي، أشار المغاربة في العديد من التدوينات أن حكم العدالة والتنمية كان بمثابة “عشر سنوات عجاف”، بفعل تفاقم الأزمات الاجتماعية وغياب مظاهر التنمية فيما أكدوا أن عبارات “محاربة الفقر والفساد” التي قام الحزب برفعها في مناسبات سابقة، كانت مجرد وعود انتخابية هدفها الوحيد ” تولي الحكم” لخدمة مصالح خاصة.
ومن خلال المعطيات سالفة الذكر، يمكن القول أن حزب العدالة والتنمية وقع في مأزق كبير بعد أن قام بالتخلي عن مشروعه السياسي مقابل تقديم تنازلات من أجل البقاء في السلطة. وسبق للكاتب العراقي “كنعان مكيّة” أن تحدت عن هذا التحول في الخطاب في كتابه جمهورية الخوف حيث قال : “إن ضحايا القسوة والظلم ليسوا أفضل من معذبيهم، بل أن وضعهم في العادة ليس أكثر من مجرد انتظار لتبادل الأدوار معهم” ، في إشارة إلى أن الوطنية الحقيقية لا تقارن بالمصالح الخاصة بل بخدمة الوطن والمواطنين بعيداً عن أي انتماء ايديولوجي.