دور المغرب في ظهور مفهوم السيادة الوطنية عند الجزائر

بعد ملف قميص نهضة بركان، لا حديث في الجزائر، سواء عبر قنواتها الرسمية أو في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا عن سيادة الجزائر وكأنهم أعادوا اكتشاف هذا المفهوم القانوني والسياسي الذي يشكل أحد الأركان الجوهرية التي تبنى عليها نظرية الدولة في الفكر السياسي والقانوني، كما تعد من المبادئ الأساسية التي يقوم بنيان وصرح القانون الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة. كما أن السيادة تعد من المحددات السياسية والقانونية المركزية لمفهوم الدولة الوطنية ومن خلالها يتجسد واقعيا الوجود القانوني والسياسي للدولة كعضو في المجتمع الدولي، كما يتجسد أيضا بموجبها الاستقلال الوطني للدولة وكذا مساواتها مع الوحدات والكيانات السياسية الأخرى المشكلة للنظام الدولي.
طبعا، في الجزائر يختلف مفهوم السيادة عن ما هو متعارف عليه دوليا، والمغرب لعب دورا كبيرا في إحياء مفهوم السيادة عند الجزائريين لأنهم لم يعرفوا مفهوم السيادة من قبل، وأنهم عاشوا منذ الأزل تحت وطأة الاستعمار، آخره كان الاحتلال العثماني بين 1516 و1830، قبل أن تتحول الجزائر إلى مقاطعة فرنسية لمدة 132 سنة، منذ 1830 حتى 1962. طبعا، عدم احتلال المغرب من طرف العثمانيين شكل دائما عقدة لدى سكان الجارة الشرقية، وكذلك الشأن بالنسبة للحماية الفرنسية على المغرب وليس استعماره.
عندما يدخل المواطن الجزائري في مقارنات مع سكان الدول المجاورة له، يجد نفسه أنه كائن بدون تاريخ وبدون هوية، ولم يعرفوا معنى التمتع بالسيادة الوطنية، وهذا يزيد ألمهم ويشعرهم بالضعف. الأكيد، هناك دول عظمى بدون تاريخ كبير أو مرت بها حضارات كبرى، لكنهم بنو أمجادهم بالعلم والمعرفة والعمل المتواصل، في المقابل، هناك بلد اسمه الجزائر لا يملك أي شيء ويريد أن يسرق كل شيء.
الآن، تتحرك الجزائر جاهدة على استعمال مفهوم السيادة، الذي غاب عن دولة الكابرنات، في خطاباتهم، بل لا يعرفون حتى توظيف هذا المصطلح القانوني والسياسي في مجاله الصحيح. أكيد أن الكائن الجزائري، غير الواعي ثقافيا، يستعمل مفهوم السيادة فقط عند دفاعه عن القضية الفلسطينية أو الجبهة الانفصالية “البوليساريو”.
كان دائما للمغرب، والحمد لله، دورا كبيرا في إيقاظ الحس الجزائري وشعوره بالانتماء لبده، وأن القادم سيكون أجمل مع الجزائريين، وسيضيفون مفهوم السيادة إلى مجلات أخرى تهم القفطان المغربي والطاجين، المغربي كذلك، وكل شيء مسروق من المغرب.
فبعد المقاطعة الدبلوماسية، أحادية الجانب، التي اتخذتها الجزائر في غشت 2021، تتجه الجزائر الجديدة إلى مقاطعة الفرق الرياضية المغربية التي تحمل خارطة البلد على قمصانها الرياضية، وبعد ذلك سيمرون إلى المقاطعة الثقافية والفنية وسيرفضون المشاركة في أي مناسبة أو حفل، على مستوى العالم، يعرف مشاركة مواطن مغربي. فاسم المغرب، قبل خارطته أصبح يرعب “القوة الضاربة”. فجارة السوء لديها دائما نقص في الإحساس بالسيادة، لأنها لا تزال تدار أمورها السياسية من قصر الإليزيه وليس قصر المرادية.
في الأخير، لا يمكننا إلا القول أنه من الغباء السياسي أن تصادر أعلى سلطات دولة وجماركها قميص رياضي، لا لشيء سوى لأنه يضم خارطة بلد والقول أن هذه الخارطة تمس أمن واستقرار بلد بكامله، بل الإدعاء أنه يمس سيادة بلد بكامله.