كاركاتير | فرنسا في طريقها نحو الهاوية بسبب سياسة إيمانويل ماكرون الفاشلة وخبراء سياسيون يحذرون من “ربيع فرنسي” يستهدف البلاد

إنها لمن أشد المعارك ضَرَاوَةً قيادة بلد بأكمله، لما يتطلبه ذلك من امتلاك القدرة على تحمل المسؤولية والإنصات إلى نبض الشارع، ومن تم التفاعل بما يخدم أولا وأخيرا مصلحة من منحوك ذات اقتراع أصواتهم عن طواعية وثقة تامتين. إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن، فسرعان ما استفاق الفرنسيون على كابوس أو فيلم رعب إن صح التعبير يدعى “إيمانويل ماكرون”. هذا الفيلم الغث الذي رشحوه بأنفسهم ولأنفسهم حتى يستمتعوا بمشاهدته، لم يدروا بتاتا أنهم سيكونون أبطال ضمن مشاهده الرئيسية حيث الماكر ماكرون سَيُنَكِّلُ بهم ويقلب البلاد رأسا على عقب بفعل فشله السياسي الذريع في تدبير شؤون البلاد.
وهاهي اليوم فرنسا يا سادة قد توغلت أقدامها في مجموعة من اللعنات السياسية والاجتماعية ثم الاحتجاجات الشعبية الرافضة لتمرير قرارات سياسية هي بمثابة انتكاسة وشفط لآخر أنفاس العامل الفرنسي وهو على مشارف 64 عاما ولازال مطالبا بالعمل والعطاء.
إيمانويل ماكرون القابع داخل قصر الإليزيه يراقب عن كثب أصداء الاحتجاجات الرافضة لإصلاح نظام التقاعد، يعي أكثر من أي وقت مضى أن الفرنسيين باتوا على قناعة أن البلاد تسير بخطى حثيثة نحو الهاوية لأن منبوذا في الداخل والخارج لا زال يسيرها.
أيام معدودة منذ أن استقر الفرنسيون في مختلف شوارع المدن احتجاجا على خطة إصلاح نظام التقاعد، كانت كافية لأن يرى المنتظم الدولي بأم عينه كيف اغتالت الشرطة الفرنسية وبمباركة من ماكرون طبعا، وجه فرنسا الراعي للديمقراطية والحرية. مصابون من النساء والرجال يتهاوون تباعا وكأنهم حشرات على أرصفة الطرق، ما من محتج إلا ونال نصيبه من الغاز المسيل للدموع كآلية رادعة وكابحة للاحتجاجات لا تتماشى وما ينص عليه القانون الدولي في هذا الباب. وأخيرا وليس آخرا مؤسسات تعليمية وجامعات أوصدت أبوابها في وجه المتمدرسين والطلبة. هل كان لزاما أن تنقلب البلاد رأسا على عقب وتختل موازينها يا ماكرون من أجل إجبار الشغيلة الفرنسية على الاستمرار في العمل حتى بلوغ سن 64؟ فحتى عناصر الشرطة لم تصمد كثيرا، حيث عرفت الاحتجاجات الفرنسية تطورا جديدا ومثيرا على مستوى المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، حيث على ما يبدو أن الأخيرة لم تعد تقوى على مواصلة قمع الفرنسيين بالوحشية التي شوهدت بها طيلة الأسابيع الماضية إبان الاحتجاجات الرافضة لمشروع قانون إصلاح التقاعد الذي أقره الرئيس إيمانويل ماكرون، فمنهم من خلع خوذته وانسحب تضامنا مع المتظاهرين، ما ينذر -حسب عدد من المتتبعين- باندلاع ربيع فرنسي، قد تنقلب فيه جميع المؤسسات على الرئيس الفرنسي، بما فيها قوات الأمن والقضاء أيضا.
أما فيما يخص من يُفْتَرَضُ فيه نقل الأوضاع كما هي، فقد كانت صدمتنا كبيرة إزاء ما قام ويقوم به الإعلام الفرنسي المصطف إلى جانب رئيسه، عبر تناول الاحتجاجات من منظور زعزعة الاستقرار والحديث عن تكريس أعمال العنف والتخريب من قبل المحتجين. والواقع أن التظاهر ضد مشروع قانون إصلاح التقاعد لم يكن إلا الشجرة التي تخفي الغابة حيث الفوضى والأزمات السياسية والاقتصادية أصبحت تعم كافة أرجاء فرنسا على عهد ماكرون، ما دفع الفرنسيين للمطالبة برحيله.