المعارضة السلمية في الجزائر تحتضر.. اعتقالات بالجملة لكسر شوكة الحراك الشعبي بأي وسيلة ولو كانت تهمة الإرهاب

تحت عنوان “أوقفوا تجريم المعارضة السلمية في الجزائر” أفرجت، أمس الأربعاء، منظمة العفو الدولية عن تقرير مفصل حول الوضعية الكارثية التي آلت إليها الأوضاع في الجزائر.
وبحسب مضمون التقرير المذكور، فإن السلطات الجزائرية ما فتئت تتمادى في شن حملة قمع شرسة على نشطاء الحراك الشعبي السلمي، حيث اعتقلت الآلاف بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع طيلة الفترة التي سبقت الانتخابات التشريعية التي جرت أطوارها في 12 يونيو من السنة الجارية.
وإثر ذلك، وقفت منظمة العفو الدولية على خروقات عديدة مارسها النظام الجزائري في حق المتظاهرين السلميين، إذ اعتقلت في الفترة الممتدة ما بين 26 مارس و26 ماي 37 شخص. ولم تمر قرابة الشهر، أي تحديدا في 23 يونيو، حتى بلغ مجموع المعتقلين ظلما وعدوانا 273 ناشط جزائري، بحسب الإحصائيات المتوفرة، وما خفي كان أعظم.
وأمام هذا الوضع الكارثي، أعربت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية آمنة القلالي، عن أسفها إزاء التعسفات المتكررة للسلطات الجزائرية، حيث أصبحت كل الوسائل متاحة بغاية إقبار الحراك السلمي وفبركة تهم جاهزة لنشطائه بهدف رميهم في السجون وكسر شوكة الحراك.
وفي تماديها أكثر، لجأت السلطات الجزائرية إلى توسيع مفهموم الإرهاب بغاية الإيقاع بنشطاء الحراك الشعبي. وبالتالي، تشهد الجزائر استعمال تهمتي “الفعل الإرهابي” و “المؤامرة ضد الدولة”، للتخلص من المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الحراك على حد سواء. فضلا عن هذا، قرر النظام الجزائري تصنيف منظمتي حركة رشاد المعارضة و الحركة من أجل استقلال منظمة القبائل “كمنظمتين إرهابيتين”، لأنهما يشكلان مصدر إزعاج لأصحاب القرار بالجزائر بسبب آرائهم المعارضة.
ووفقا للبحوث التي أجرتها منظمة العفو الدولية اتهمت السلطات القضائية 17 ناشطا، على الأقل، بارتكاب جرائم لها صلة “بالإرهاب” منذ مارس. ومن بينهم المحامي عبد الرؤوف أرسلان، علاوة على المدافعين عن حقوق الإنسان قدور شويشة، وجميلة لوكيل، وسعيد بودور الذين تمت مقاضاتهم في 28 أبريل، مع 12 ناشط آخر في الحراك، بتهمة الانتساب إلى جماعة “إرهابية” و”المؤامرة ضد الدولة”.
الأخطر من ذلك، كما جاء في التقرير، ارتأت السلطات الجزائرية إدخال تعديلات على قانون العقوبات الجزائري في شقه المتعلق بالإرهاب. وعليه، يعتبر إرهابيا بموجب التعديلات الجديدة، كل من يحاول السعي بأي وسيلة الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بغير الطرق الدستورية.
هذا المعطى الجديد دفع منظمة أمنستي لدق ناقوس الخطر بخصوص وضعية نشطاء الحراك الشعبي التي تهددها التعديلات القانونية الجديدة، بحيث أصبحوا في نظر القانون الجزائري إرهابيين لأنهم يعبرون عن مطالبهم السلمية القاضية بضرورة تخلي رموز الفساد عن مقاليد الحكم في البلاد.
تحركات النظام الجزائري ضدا عن إرادة الشعب لم تقف هنا، فقد انتقلت وزارة الداخلية إلى تأديب بعض الأحزاب على طريقتها، بحيث رفعت طلب حل أحزاب المجتمع المدني والأحزاب السياسية، عبر السعي إلى تجميد أنشطة حزبي الاتحاد من أجل التغيير والرقي، وحزب العمال الاشتراكي، وكذا منظمة المجتمع المدني تجمع العمل الشبابي.
ولم يسلم القضاة من شر موجة القمع المتصاعدة، بحيث أقال المجلس الأعلى للقضاء في الجزائر، القاضي سعد الدين مرزوق من منصبه بسبب آرائه المؤيدة للحراك في الجزائر، ضاربا بعرض الحائط مقتضيات القانون الدولي الذي يعتبر فرض عقوبات على القضاة أو تأديبهم بسبب تعبيرهم عن آرائهم علنا غير قانوني.