بعدما اكتوت بنيران مراقبة الحدود.. فرنسا ترفض لعب دور دركي الحدود الأوروبية وتفرضه على المغرب (فيديوهات)

مما لاشك فيه، العلاقات الدولية تنبني على منطق رابح –رابح، لا فضل لطرف على الآخر، ولا ترغيب ولا ترهيب يحكم التعاملات الثنائية القائمة على تبادل المصالح بما يعود بالنفع على الجميع.

فبالأمس القريب، وفي خضم موجة الهجرة السرية التي عرفتها مدينة سبتة المحتلة، تعاملت إسبانيا مع المغرب بمنطق الأستاذ والتلميذ، الذي يتلقى التعليمات ويهرع إلى تنفيذها، وكأن المغرب ملحقة افريقية تابعة لإسبانيا. هذا الموقف المتغطرس الذي عبرت عنه إسبانيا لكونها فشلت في تدبير ملف الهجرة السرية مع شريكها الاستراتيجي المغرب، وجد مساندة قوية من فرنسا والاتحاد الأوروبي، الذي توجه بلهجة شديدة للمغرب قائلا: “ما حدث في سبتة ليس مشكلة مدريد وحدها وإنما هي مشكلة أوروبية”.

منطق التعالي وتوجيه التعليمات لم يكن ليمر مرور الكرام بالنسبة للمغرب، فقد أكد عبر قنواته الرسمية عن رفضه لعب دور دركي الحدود الأوروبية، الذي تحاول إسبانيا ومن يدعمها أوروبيا إلصاقه به من باب الواجب وليس الشراكة الإستراتيجية التي تجمع البلدين.

ولأن المواقف محكومة بتغير الجغرافيا السياسية، هاهي اليوم فرنسا  تناقض نفسها بعد احتدام الأزمة مع بريطانيا بسبب ملف الهجرة السرية في بحر المانش الفاصل بينهما. فرنسا “الأمس” التي ساندت إسبانيا بقوة وانتقدت بشدة المغرب لكونه لم يلعب دور دركي الحدود كما يطيب ويحلو للأوروبيين، هي نفسها اليوم التي اكتوت بنيران مراقبة الحدود، ولم تستسغ أن تطلب منها بريطانيا ذلك، ولو أنها ملزمة بموجب اتفاق ثنائي يربطها بالمملكة المتحدة.

فرنسا تبيح لنفسها ما تراه محرما في شرعها على المغرب. لذلك، وقف رجال الشرطة الفرنسية أمام عدسات الكاميرات يراقبون مشهد نزوح الآلاف نحو قوارب الهجرة السرية في اتجاه بريطانيا دون أن يحركوا ساكنا. لماذا هذا المنطق في التعامل يا ترى؟ لأن فرنسا ببساطة وكما كشف وزير داخليتها من عين المكان جيرالد دارمانان لرجال إعلامه، لا تتحرك مجانا. فرنسا لا زالت تنتظر سخاء المملكة المتحدة التي وعدتها بضخ مبلغ 62,7 مليون يورو في خزينتها لحراسة حدودهما المشتركة مقابل التحكم في موجة الهجرة السرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى