بوعلام صنصال على قناة فرانس 2: “أخاف على أسرتي والنظام الجزائري اعتقلني بسبب اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء”

في أول ظهور إعلامي له بعد خروجه من السجن، عبّر الكاتب الجزائري المعروف بوعلام صنصال عن مخاوفه على أسرته وعن قلقه من العودة إلى بلاده، في مقابلة بثّتها قناة فرانس 2 مساء الأحد 23 نوفمبر 2025.

وقال صنصال، الذي أمضى عامًا في السجون الجزائرية، إنه ما زال يعيش “صعوبة استعادة حياة الرجل الحر”، مضيفًا أنه “كان مقطوعًا عن العالم، دون تواصل مع سجناء آخرين، وحتى دون محامٍ”.

الروائي الثمانيني، الذي خضع مؤخرًا لعلاج من سرطان البروستات، أكد أنه يراقب كلماته بعناية قائلاً: “أخاف على عائلتي، وإذا عدتُ إلى الجزائر مع زوجتي أخشى أن يتم توقيفها أيضًا”. وأشار إلى أنه لا يزال “يؤمن بالمصالحة بين فرنسا والجزائر”، موضحًا أن انتقاداته السابقة كانت “للنظام الدكتاتوري، لا للبلد ولا للشعب الجزائري”.

صنصال، الحاصل على الجنسية الفرنسية والمقيم بين فرنسا وألمانيا، كان في صلب أزمة دبلوماسية حادة بين باريس والجزائر منذ اعتقاله في نوفمبر 2024 بتهمة “المساس بالوحدة الوطنية” على خلفية تصريحات مثيرة حول الحدود المغربية-الجزائرية، قال فيها إن “الجزائر ورثت مناطق مغربية زمن الاستعمار الفرنسي”. الحكم عليه بالسجن خمس سنوات وتدهور حالته الصحية دفعا برلين وباريس إلى التحرك دبلوماسيًا، لينال في النهاية عفوًا رئاسيًا من عبد المجيد تبون يوم 12 نوفمبر الجاري.

وفي تطور لافت، أكد بوعلام صنصال في تصريحاته أن سجنه كان مرتبطًا بشكل مباشر بموقف فرنسا من الصحراء المغربية، موضحًا أنه “أدرك سريعًا أن اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء هو السبب الحقيقي وراء هذه القضية”. وتأتي تصريحاته في وقتٍ تشهد فيه العلاقات بين البلدين أزمة مفتوحة منذ يوليوز 2024، حين أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه الكامل لخطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب، ما أثار غضب الجزائر وأعاد التوتر الدبلوماسي إلى الواجهة.

عاد الكاتب إلى فرنسا في 18 نوفمبر بعد نقله مؤقتًا إلى برلين لتلقي العلاج، وكان الرئيس إيمانويل ماكرون أول من استقبله “بعيدًا عن الأضواء”. ويشير مقرّبون منه إلى أن ظهوره الإعلامي الحالي “يأتي في إطارٍ مضبوطٍ من السلطات الفرنسية”، إذ قال أرنو بينيديتي، مؤسس لجنة دعمه، إن “جولته الإعلامية تبدو مؤطرة، في وقتٍ تسعى فيه باريس إلى تهدئة علاقتها المعقدة مع الجزائر”.

يُعدّ صنصال من أبرز الأصوات الأدبية الجزائرية المعارِضة، وهو معروف بإعجابه بكتّابٍ مثل ألبير كامو وجورج أورويل، وبمواقفه اللاذعة تجاه الأنظمة الشمولية. سجنه الأخير لم يكن الأول في مواجهة السلطة، لكنه الأكثر رمزية، إذ جاء بعد عقودٍ من الجدل حول حرية التعبير في الجزائر.

وقد أعادت قضيته تسليط الضوء على وضع سجناء الرأي في البلاد، حيث دعا في حديثه إلى التضامن مع الصحفي الفرنسي كريستوف غليز المعتقل في الجزائر منذ أشهر بتهمة “تمجيد الإرهاب”.

ويرى متابعون أن مصير صنصال بات يتجاوز البعد الفردي، ليعكس مجددًا هشاشة العلاقة بين باريس والجزائر، في وقتٍ تراهن فيه الدبلوماسية الفرنسية على التهدئة واستعادة الثقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى