الذكرى الخامسة لعملية الكركرات… عملية بلا دماء قلبت المشهد وغيّرت مسار النزاع في الصحراء المغربية

شهدت الذكرى الخامسة لعملية الكركرات في 13 نونبر 2025 تأكيداً جديداً على التحول العميق الذي عرفه النزاع حول الصحراء المغربية منذ تحرير المعبر سنة 2020. فقد تمكنت القوات المسلحة الملكية، عبر عملية دقيقة وبدون إراقة دماء، من إنهاء إغلاق المعبر الذي دأبت جبهة البوليساريو على استغلاله كورقة ضغط، وتأمينه بشكل دائم بعد بناء جدار رملي عازل ضمن مسار جديد لترسيخ الأمن في المنطقة التي كانت مهددة بتنامي نشاط الجماعات الإجرامية والمسلحة القادمة من شمال مالي.

أعادت العملية الحيوية فتح الشريان التجاري الرابط بين المغرب وموريتانيا، ووضعت حداً لسنوات من الاستفزازات، كما كسرت حالة الجمود التي أصابت مسلسل التسوية الأممي منذ اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991. ومنذ ذلك الحين، انتقل المغرب إلى سياسة متعددة المسارات، عززت حضوره الدبلوماسي والإقليمي، ووسعت شبكة دعمه داخل إفريقيا وخارجها، فيما تراجعت خيارات البوليساريو وانحسرت قدرتها على التأثير.

ميدانياً، مكنت العملية المغرب من التحكم الكامل في المنطقة وإبعاد كل المجموعات المسلحة، وهو ما أدى إلى تغيير ميزان القوى لصالحه. أما سياسياً، فقد شهدت السنوات التالية زخماً دبلوماسياً كبيراً، أبرز محطاته الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وافتتاح قنصليات أجنبية عديدة في العيون والداخلة، ثم المواقف الواضحة لكل من ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا في دعم مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الأكثر واقعية.

وجاء قرار مجلس الأمن رقم 2797 ليُحمّل الجزائر مسؤولية مباشرة في مسار الحل ويدعوها للمشاركة الجدية في الموائد المستديرة، منهياً مرحلة ادعاء الحياد التي كانت تتشبث بها. وفي المقابل، اكتفت البوليساريو بتكرار إعلانات “العودة إلى الحرب” وإصدار مئات البلاغات عن عمليات غير موثقة، فيما لم ترصد المينورسو سوى مناوشات محدودة وضعيفة التأثير.

بهذا، تحولت عملية الكركرات من تدخل ميداني محدود إلى نقطة تحول كبرى أعادت رسم قواعد النزاع ورسخت تقدّم المغرب ميدانياً ودبلوماسياً، مقابل اتساع عزلة البوليساريو وتراجع النفوذ الجزائري في هذا الملف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى