احتجاجات 27 و28 شتنبر.. العدميون يلجؤون إلى التضليل بفيديوهات قديمة ومفبركة من أجل التحريض على الفوضى

تزامنا مع الدعوات المجهولة إلى احتجاجات يومي 27 و28 شتنبر، شهدت منصات التواصل الاجتماعي حملة تضليل خطيرة، تم خلالها ترويج مقاطع مصورة على أساس أنها توثق لمسيرات ووقفات احتجاجية جارية في مدن مغربية. غير أن التدقيق السريع كشف أن هذه المقاطع قديمة ولا علاقة لها بالواقع الراهن.

أول هذه الفيديوهات يوثق لمسيرة قديمة سنة 2016 بجماعة بوزملان التابعة لإقليم تازة، كان سكانها يحتجون آنذاك على أزمة العطش. المقطع جرى اقتطاعه من سياقه وإعادة بثه على نطاق واسع لتصويره كأنه احتجاج جديد.

مقطع آخر يعود إلى يوم 14 شتنبر 2025 أمام مستشفى الحسن الثاني بأكادير، حيث نظم عدد من المواطنين وقفة احتجاجية محدودة. لكن الفيديو أُعيد نشره من طرف وجوه معروفة بسوابقها في النصب والاحتيال والإجرام العابر للحدود، أمثال هشام جيراندو وهشام بوشتي وغيرهم، وذلك تزامنا مع 27 شتنبر لتسويقه على أنه جزء من احتجاجات وطنية واسعة.

المثير أن بعض الوجوه المنتمية إلى جماعة العدل والإحسان كانوا في صلب عملية الترويج. تدوينة للقيادي “العدلاوي” بوبكر الواخاري قدّمت المقطع العائد إلى 2016 كأنه مسيرة جديدة، داعيا إلى ربطه بخطاب “العطش” و”التهميش”. وبالموازاة، نشرت صفحات محسوبة على الجماعة نفس الفيديوهات القديمة لإيهام المتابعين بوجود تعبئة اجتماعية متصاعدة.

هذا الأسلوب ليس جديدا على الجماعة، إذ سبق أن لجأت إلى نشر صور ومقاطع من الأرشيف لإسناد رواياتها، لكن تزامنه هذه المرة مع دعوات 27 و28 شتنبر يكشف عن محاولة استغلال اللحظة لإضفاء طابع جماهيري وهمي على تحركاتها.

يكشف هذا الأسلوب عن محاولة واعية لتضليل الرأي العام وصناعة أزمة افتراضية من العدم. فالماضي يُقدَّم كما لو كان حاضرا، والمشاهد القديمة تُستحضر خارج سياقها لتوحي بوجود احتجاجات راهنة. هكذا تُحوَّل وقفات محلية محدودة إلى أحداث وطنية كبرى، في عملية تلاعب مقصودة تهدف إلى خلق صورة جماعية وهمية لا وجود لها على الأرض.

الأخطر أن هذه الممارسات تُرفق بخطاب تعبوي يُشيطن المؤسسات ويُصور الدولة في مظهر العاجزة عن تلبية المطالب، بما يزرع الشكوك ويغذي مشاعر الإحباط. وبهذا، يصبح التضليل الرقمي أداة سياسية في يد بعض الأطراف، غايته التشويش على الاستقرار وضرب الثقة بين المواطن ومؤسساته.

ترويج هذه الفيديوهات المفبركة ليس مجرد عبث إعلامي، بل تهديد مباشر لثقة المواطنين في المعلومة، وخطر على السلم المجتمعي. إذ يسعى مروجوها إلى خلق انطباع بوجود “حراك” واسع، بينما الواقع يكذّب ذلك. وفي الوقت الذي تحتاج فيه النقاشات العمومية إلى الوضوح والمصارحة، يتم اللجوء إلى الأكاذيب والفبركة كوسيلة للضغط والتأليب.

هذه الواقعة تفضح الأساليب الخبيثة التي تعتمد على التضليل البصري لتسويق احتجاجات وهمية. وهي دعوة للمواطنين إلى التحلي باليقظة، وعدم الانجرار وراء المقاطع المفبركة التي تُعاد صياغتها خارج سياقها الزمني والمكاني. كما تطرح الحاجة إلى مواجهة هذه الحملات بمزيد من التوعية، حتى لا تتحول المنصات الرقمية إلى مسرح مفتوح للتلاعب والابتزاز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى