هشام العلوي يطالب بتعويض 100 مليون من الطاوجني لأنه انتقده.. وهذه تفاصيل توظيف لقب “سمو الأمير” للتأثير على القضاء

في خطوة أثارت جدلا واسعا، رفع هشام العلوي، الذي سبق أن أعلن تخليه عن صفة “الأمير”، دعوى قضائية ضد اليوتوبر محمد رضا طاوجني، على خلفية انتقاد الأخير لحواره مع جريدة “إل كونفيدنسيال” الإسبانية المعروفة بعدائها الممنهج للمغرب. الدعوى قُدمت عبر قانون الصحافة والنشر، وطالب فيها “الأمير” بتعويض مالي ضخم بلغ 100 مليون سنتيم، وهو ما أثار موجة استغراب حول الدوافع الحقيقية وراء هذه المتابعة، وفق ما أورده موقع “المغرب تايمز“.
هذا المبلغ الكبير اعتُبر من طرف متتبعين محاولة لإرهاق اليوتوبر الطاوجني ماليا وإسكاته، خصوصا أن المطالبة بدرهم رمزي غالبا ما تُعتمد في قضايا يُراد منها إثبات الضرر المعنوي دون المساس بحرية التعبير. الخطوة وضعت صورة “الأمير السابق” في موقع المتناقض مع خطابه، خاصة أنه لطالما قدم نفسه كمدافع شرس عن حرية التعبير وحقوق الإنسان.
هشام العلوي دأب على انتقاد القضاء المغربي، واعتبر في حوارات سابقة أن الصحفيين يتعرضون لمتابعات تعسفية، بل قدم نفسه كصوت ديمقراطي حر خلال ما سُمي بـ “الربيع العربي”. لكن المفارقة تكمن في لجوئه اليوم إلى نفس القضاء لملاحقة يوتوبر لم يفعل سوى التعبير عن رأيه. هذا التناقض يطرح تساؤلات عميقة حول مصداقية مواقفه: كيف يمكن لمن يرفع شعارات الحرية أن يختار وسيلة قانونية ثقيلة لكبح النقد؟
كما أن المحامي عبد الرحيم الجامعي، الذي تبنى الدعوى، قدم موكله بصفته “صاحب السمو الأمير مولاي هشام”، في وقت سبق للأخير أن تخلى علنا عن هذه الصفة. هذا الاستعمال يثير الشبهات حول محاولة توظيف الرمزية الأميرية للتأثير على القضاء، في تناقض صارخ مع ادعاء الاستقلالية والقطع مع الامتيازات.
الملف كشف أيضا ارتباكا في مواقف من يصفون أنفسهم بـ”المدافعين عن حرية التعبير”. فحين وُضع طاوجني سابقا في مواجهة قضائية مع وزير العدل، ارتفعت الأصوات نفسها للتنديد بـ”قمع الصحافة”. أما الآن، ومع كون المشتكي هو هشام العلوي، التزم الكثيرون الصمت أو اصطفوا إلى جانبه. هذه الازدواجية أبرزت أن الحرية بالنسبة لهؤلاء ليست مبدأً ثابتا، بل ورقة تُوظَّف حسب الشخص أو الظرف.
القضية تعيد إلى الواجهة سؤالا جوهريا: هل يُفترض بحرية التعبير أن تُصان فقط عندما تخدم صورة أشخاص بعينهم، أم أنها قيمة لا تقبل الاستثناء؟ دعوى هشام العلوي أظهرت أن الشعارات التي يُرفع بها السقف في الخارج قد تسقط عند أول انتقاد محلي. وهي مناسبة للتأكيد أن المغرب دولة قانون، يحتكم فيها الجميع –سواء كانوا أمراء أو مواطنين عاديين– إلى القضاء، لكن دون أن يتحول ذلك إلى أداة لترهيب الصحافة أو خنق النقاش العمومي.



