الصحافي الإسباني إغناسيو سامبريرو وغصة الطرد من المغرب

بقلم: هشام المنور
في حالات عديدة قد نتفهم سبب عداء مواطن لبلده، فقد يكون لهذا العداء أسبابا موضوعية في بضع مناسبات، وفي أخرى لا نجد تفسيرا للحقد الذي قد يطوره ويكنه مواطن ما تجاه بلده.
لكن ما لا نستطيع أن نستوعبه هو عداء مواطن أجني لبلد آخر، في غياب أدنى الروابط مع هذا الوطن، سواء كانت دينية منها أو عرقية أو ثقافية. وليس غريبا على من يتابع الصحافة الناطقة باللغة الإسبانية أن يلاحظ أن الصحافي الإسباني إيغناسيو سامبريرو يتربع على عرش قائمة هؤلاء، ممن يكنون حقدا دفينا للمغرب، البلد الجار في الضفة الجنوبية من البحر المتوسطي.
فهذا الصحافي المسترزق يعيش فقط من خلال نشر مقالات هنا وهناك لجمع ما تيسر من الأوروهات لسد رمق حاجيات يومه، فهو لا يجد حرجا في الركوب على أمواج البِرك الضحلة من أجل معاكسة (طبعا لن أقول مهاجمة المغرب، فهو ليس أهلا لها) المملكة المغربية، وادعاء معرفة خباياها وما يجري داخلها بحكم أنه كان مراسلا صحافيا لأحد الجرائد الإسبانية بالمغرب، قبل طرده دون رجعة بسبب نشر فيديوهات محرضة على الإرهاب.
فعندما تجف مخيلته، وتضيق أمامه آفاق كتابة مقال يحترم أخلاقيات الصحافة خاصة فيما يتعلق بالروبورتاجات ونقل الأخبار الصحيحة، فهو لا يجد عيبا وحرجا في العودة إلى عادته سيئة الذكر بمهاجمة النظام الملكي ومؤسسات الدولة عبر استرسال أسطوانته المشروخة.
الصحافي إيغناسيو سامبريرو، المريض بشيء اسمه المغرب، كانت دائما كُنيَتُه حاضرة في كل الحركات والاحتجاجات السلمية التي عرفها المغرب، كما تعرفها باقي دول العالم، لكن كتاباته عن المغرب، تكون ملطخة ببعض الدماء، والزيادة والكذب في حالات عديدة، لعله يقنع من يدفع له مقابل نشر رواياته المهترئة من أجل البقاء، لأنه يشتغل لحسابه الخاص (Free-lance) بعد أن رفضته عدة جرائد محلية لأنه بدون مصداقية.
آخر حلم بنزول الغيث، غمامة عابرة
بعد بروز ما بات يعرف بقضية التجسس عبر استعمال البرنامج “بيغاسوس”، المطور من طرف الشركة الإسرائيلية “NSO GROUP”، والإدعاءات الباطلة التي روج لها كل من الكونسورتيوم “فوربيدن ستوريز” و”أمنستي انترناشنال” بالتنسيق مع 17 وسيلة إعلام دولية، التي تؤكد (حسب ما يدَّعون) أنها استهدفت صحافيين وحقوقيين وسياسيين، بالإضافة إلى الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، و14 عضوا داخل الحكومة الفرنسية السابقة، استفاق إيغناسيو سامبريرو من سباته معتبرا أنه وجد ضالته أخيرا، وعثر على المادة الدسمة لينتقم من المغرب شر الانتقام.
سامبريرو لم يدع الفرصة تمر دون وضع بيضه ضمن سلة بيض من تتواجد أرقام هواتفهم في القائمة المزعومة، وأكد في عدة مواقع إلكترونية أن الكونسورتيوم اتصل به وأخبره أن رقم هاتفه يوجد ضمن اللائحة المستهدفة من طرف البرنامج “بيغاسوس” وأنه يعتبر الرقم الإسباني الوحيد ضمن اللائحة. سامبريرو لم ينتظر مرور سحابة الباطل، بل باشر في استهداف المغرب وجهاز مخابراته.
الغريب في الأمر، أو كما يقول المثل المغربي “ضربني وبكا، وسبقني وشكا”، وهذا ما يلخص حقد سامبريرو غير المشروط على المغرب، حيث أكدت منظمة مراسلون بلا حدود، في بوابتها الإلكترونية، أن الصحافي الإسباني تقدم بشكاية إلى النيابة العامة الإسبانية كون رقمه ضمن قائمة الأشخاص الذين تعرضوا للتجسس عن طريق برنامج “بيغاسوس.”
قراءة بسيطة في الدعوة التي رفعها سامبريرو
أولا: لم تكن دعوة خالصة ضد المغرب أو السلطات الاستخباراتية المغربية في غياب دليل قاطع عن تورط هذه الأخيرة.
ثانيا: في عدم استحالة قبول شكاية ضد مجهول، في قانون المسطرة الجنائية الإسبانية، التمس إيغناسيو فقط من النائب العام تحديد الجهات التي تقف وراء هذه العملية.
ثالثا: إن كانت التهم والإدعاءات التي صرح بها سامبريرو في مقالاته عن كون المغرب هو من يقف وراء هذه العملية، لماذا لم تكن الشكاية فعليا ضد المغرب ؟ طبعا، لأنه لا هو ولا “فوربيدن ستوريز” ولا “أمنيستي”، ولا باقي المتعاونين في حملة التشهير التي استهدفت المغرب يتوفرون على دليل وحيد يدين المغرب. أما من يشكك في براءة المغرب، نسأله فقط لماذا تخلف الكونسورتيوم ومنظمة العفو الدولية عن تقديم الدلائل خلال مدة العشر أيام التي منحت لهم في دعوة التشهير التي رفعتها المملكة ضدهم ببارس ؟
يبدو أن عقدة طرد المراسل إغناسيو سمبريرو من التراب الوطني أصبحت هاجسا يلاحقه أينما حل وارتحل، وأن الرغد الذي كان يعيشه في المغرب أصبح مجرد حلم مستحيل التحقيق. فغصة المغرب أصبحت مرضه الذي ليس له ترياق، غير بعض الاتهامات وإن كانت باطلة، لعلها تشفي غليل هذا الصحافي المريض الذي يعاني من عِلَّة اسمها المغرب.