لبنى أحمد الجود تكتب.. صورة ثمنها حياة سليمان الريسوني و هدفها الإساءة للوطن

يتساءل الكثيرون عن ماهية عدم تقديم سليمان الريسوني أمام القضاء، فيسوق آله و ذويه لمغالطات لا علاقة لها بالحقيقة، يستهلكها الحاقدون و المغيبون و المغرر بهم، فيرددونها كشعارات نضالية، و هي في حقيقة الأمر شعارات تهدف لتسويد صورة المغرب الحقوقية، خدمة مباشرة أو غير مباشرة، لأهداف أجندات أجنبية معادية للوطن.

حين نقرأ أن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، رفضت تقديم سليمان الريسوني حضوريا لمحاكمته، فإننا نبحث، كمطلعين على تفاصيل القضية، عن تتمة الجملة، فنجد أن ليس هناك من تتمة.

هو توقف ملغوم عند “ويل للمصلين”، خروج عن الأعراف والقوانين عند البعض و ضرب سافر للمصداقية و المهنية عند البعض الآخر.

فبالله عليكم ؟ أين تتمة المعلومة ؟

رفضت المحكمة إحضار سليمان الريسوني من سجن عكاشة … نعم … و لكن على متن سيارة إسعاف و بكرس متحرك.

لو أن الريسوني قد قرر أن يحضر كما يحضر جميع المعتقلين، لو قبل أن يتم التعامل معه كسائر المواطنين الذين يقدمون أمام المحكمة في حالة إعتقال، لفرحت المحكمة و دفاع الطرف المدني، و الطرف المدني، و كل المساندين له و المتعاطفين معه.

كم يود الجميع أن يسمع سليمان الريسوني، و أن تتقدم أطوار هذه المحاكمة في احترام للقانون و الدستور و المؤسسات القائمة على تطبيق مقتضياته، فتكون محاكمة عادية !

لكن سليمان الريسوني يرفض و يتعنت في إصراره على أنه فوق القانون، قد ينتقل داخل المؤسسة السجنية التي يتواجد بها على قدميه، قد يحادث محاميه لساعات طويلة على الهاتف حسب أقوالهم، لكن حاشا لله أن يدخل للمحكمة على قدميه، و ما عاذ الله أن يحدث المحكمة كما يحدث محاميه، فهو ليس كالآخرين … هو مواطن من درجة أولى و الباقي درجات تالية.

هي لعبة هدفها الضغط و الفتونة الحقوقية، متاجرة بقضية على حساب صاحبها، الهدف منها الأسمى هو أخذ صورة و التسويق لها.

سيكتبون عن حقوق الإنسان بالمغرب، سيتباكون أمام المنابر الأجنبية المعادية للمغرب فيقولون : هذا هو واقعنا، و هذه حالنا … نحن نعاني في هذا الوطن، فتعالوا لإنقاذنا!

افرضوا حجرا علينا، و عقوبات اقتصادية و أغرقوا النظام الحاكم إذ لا يعجبنا و لا يأتي على هوانا، و أشعلوا نيرانا ها نحن نوقدها كي نأتي على الأخضر و اليابس، كي نهدم فنعيد البناء، و أعمدة البناء نحن… بهذه الأخلاق و بهذا البؤس … نعم نريد أن نحكم … و سنحكم بالديمقراطية … ديمقراطية لا نعرفها لكننا سنتعرف عليها، وقد لا تعجبنا في نهاية المطاف، لكننا سنكون في القمة و تبا للقاع!

يقول لسان حال من يريدون لهذا الوطن الشتات
من يعرقلون النمو و الإزدهار
من يضعون الوطن على طبق من ذهب و يفرشون طاولة المأدبة أمام الأعداء … كي يحكموا هم … و هذا هو الهدف و المنى.

فتبا له هدف
و تبا له منى

كيف لمن يكذب على الشعب، فيغرر بفئات هشة و يدفع بها في مسيرات و يلقي بمن فيها للتهلكة كي يترافع عنها بعد ذلك باسم حقوق الإنسان، في تكريس مقرف لأبشع صور الإستغلال، أن يكون حاملا لنبل القيم ؟

كيف لمن هو مستعد للتضحية بمواطنين عبر تحريضهم على الخوض في إضرابات عن الطعام ، و لمواجهة السلطة التنفيذية بدل الإنخراط في النضال المؤسساتي جنبا إلى جنب مع السلطة التقريرية ، أن يكون حاملا لهم شعب و شرف وطن ؟

هو استرزاق حقوقي
و هو نضال وهمي

لا يعزو كونه محاولة خبيثة لدس سم التفرقة في عسل التغيير و الإصلاح.

لقد أبانت المحكمة الإستئنافية بالدار البيضاء عن طريق قضائها أنها غير قابلة للإستغفال و أنها تطبق القانون بعيدا عن المزايدات.

” الوحيد الذي يضغط على هذه المحكمة هو المتهم …خمسة أشهر و نحن ننتظر المتهم فنؤجل الجلسات ” يقول القاضي، جوابا على إيحاء ب” الضغوطات التي تتعرض لها المحكمة ” و هي جملة أتت في مرافعة أحد المحاميين المنتمين لهيئة دفاع سليمان الريسوني، و عدد محاميي هذا الأخير : سبعون.

و للإشارة فقد انسحب دفاع الريسوني أثناء جلسة الثلاثاء الماضي، احتجاجا على عدم التفاعل مع مطالبهم، و مطالبهم جوهرها محاكمة الريسوني على أساس أنه شخص غير عادي، لا ينطبق عليه ما ينطبق على باقي المواطنين، و غلافها توفير محاكمة عادلة، يكون المتهم حاضرا أثناءها للدفاع عن نفسه، و الشرط هو دخول بطولي درامي للمحكمة تحت عدسة مصوريين في انتظار مانشيتات دولية منددة و متباكية بلاإنسانية السلطات المغربية !

ظن الجميع، بما فيها المحكمة، أنه انسحاب من الملف، فطبقت المحكمة القانون بمراسلة نقيب هيئة محاميي الدار البيضاء لتعيين محاميين يختارهم لمؤازرة المتهم في إطار المساعدة القضائية.

غير أننا علمنا عن طريق فرانس 24، و هي قناة تعرف بعدائها للمغرب، أن الإنسحاب لم يكن من الملف و لكن فقط من الجلسة.

فكانت جلسة أمس، و قد اتسمت بالكثير من المحاضرة و الإنشاء، فقد أخد كل محام من هيئة الدفاع الحاضرين، وقته الكافي لشكر المحكمة و النقيب و المحاميين المعينين من طرف النقيب، مسطرين على تشبتهم بالدفاع عن سليمان الريسوني و عن تشبت هذا الأخير بدفاعه، و مذكرين الحضور بقسم المحاماة و بمعاهدة هافانا و بالقوانين و الفصول و المواد التي تأطر موقفهم.

و خصص وقت طويل أيضا لإجابة المحاميين الثلاث المعينين من طرف النقيب، لشكر محاميي هيئة دفاع سليمان الريسوني و شكر للنقيب و تذكيرنا بالقوانين و المواد و الفصول أيضا التي يبنون عليها انسحابهم.

طالبت هيئة دفاع الريسوني المحكمة بناء على رغبتهم المشتركة مع المحامين المعينين في إطار المساعدة القضائية بالإبقاء على دفاعهم رسميا و بالموافقة على انسحاب الوافدين الجدد.

بعد انسحاب المحكمة للمداولة، قررت هذه الأخيرة قبول هذا الطلب، و رفض المتابعة في حالة سراح، ورفض شروط انتقال سليمان الريسوني المحكمة، فطلبت من النيابة العامة أخذ الكلمة للترافع … و لكن هيهات !

“نريد أن نعقب على قرار المحكمة و هو حقنا ” قالت هيئة دفاع الريسوني، فأعطيته لهم الكلمة ليقوموا بإعادة ما قيل في بداية المحاكمة، وقد خصص وقت طويل لذلك، قبل أن يقرروا الإنسحاب للمرة الثانية، مشددين على أن حضورهم رهين بحضور الريسوني ( سيارة إسعاف و كرس متحرك ) و أنهم متشبتون بالدفاع عنه و هو انسحاب من الجلسة و ليس من الملف.

حوالي الساعة السابعة والنصف مساءً، استأنفت المحكمة انكبابها على هذا الملف فترافعت النيابة العامة، و تم الإستماع للمشتكي آدم، الذي وصف بالتدقيق ما تعرض له من إعتداء و احتجاز، مرفقا أقواله بدلائل و حجج، أكدت بما لا يدعو للشك أن هناك فعلا قضية و أن شكايته مبنية على أسس قوية.

و مجمل القول أن كل ما كتب بعد أن واصلت المحكمة عملها من إقصاء للمتهم و دفاعه هو فقط ضحك على الذقون، إذ أن كل الحاضرين يجمعون على أن المحاكمة تمت في أجواء ديمقراطية عادلة.

و كانت الحكمة و الدرس هو أن لا شيء يعرقل سير القضاء و أن لا استهزاء و لا لعب ممكن مع المؤسسات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى