ترسيخ الثقافية الأمازيغية.. مغرب الانفتاح والتنوع العرقي مقابل جزائر الاضطهاد وسياسة فرض الثقافة الواحدة (باحث أنثروبولوجي)

بعض مضي زهاء 22 سنة على اندلاع انتفاضة الأمازيع بالجزائر أو ما يسمى ﺑأحداث “الربيع الأسود” الدامية، من أجل رد الاعتبار لهويتهم الثقافية وجعلها إحدى الروافد المكرسة للتنوع العرقي والثقافي داخل البلاد، واقع حال منطقة القبايل يؤكد بالملموس أن الأمازيغية في الجزائر تتعرض للوأد البطيء على يد نظام حاكم يسعى جاهدا لتكريس ثقافة العرق الواحد، ولما لا الانخراط في حملات تطهيرية تمس أمازيغ الجزائر في هويتهم.

مرد هذا الحديث يجد صداه في ما كشف عنه الأنثروبولوجي المغربي رشيد راحة، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي خلال حوار أجرته معه صحيفة “أتالايار” بخصوص واقع الأمازيغية في المنطقة المغاربية، لاسيما بين المغرب والجزائر.

وفي هذا الصدد، أوضح المتحدث ذاته، أن انتفاضة “الربيع الأسود” الدامية اندلعت في سبيل الدفاع عن الهوية الأمازيغية بمنطقة القبايل بالجزائر. هذه الاحتجاجات تفجرت بعد وفاة طالب في المدرسة الثانوية. ففي 18 أبريل 2001 تحديدا، أصيب ماسينيسا قرماح ذي 18 ربيعا آنذاك، بجروح خطيرة جراء طلقات من رشاش كلاشنيكوف في مقر الدرك لبني دوالة وهي بلدة جبلية قريبة من تيزي وزو، شرق الجزائر العاصمة. وكان الدرك قد اعتقل الطالب في المدرسة الثانوية بعد مشاجرة عادية بين شبان وعناصر الدرك. وبعد يومين، توفي في مستشفى بالعاصمة حيث تم نقله في حالة حرجة.

وتجمهر سكان المدن والقرى في الشوارع للمطالبة بإغلاق جميع مقرات الدرك الوطني في المنطقة، وتحولت المظاهرات إلى مواجهات مع قوات الأمن التي أطلقت النار بالذخيرة الحية، ما أسفر عن مقتل 126 شخصا وجرح أكثر من خمسة آلاف آخرين.

واعتبر الأنثروبولوجي رشيد راحة أنه “إذا لم تعد المسألة الأمازيغية اليوم في المغرب من الطابوهات، ففي الجزائر، للأسف، تدهور الوضع كثيرًا، أوصبح النظام عدوانيًا بشكل متزايد منذ ظهور حركة “عروش” عام 2001 و “حراك الجزائر” في فبراير 2019 حيث بدأت السلطات في حظر الأعلام الأمازيغية.

كما اتخذ القمع مع الحكومة غير الشرعية والمناهضة للديمقراطية لعبد المجيد تبون والجنرال سعيد شنقريحة، أبعادًا غير مسبوقة وغير مفهومة، حيث يواصل رجال الشرطة والقضاة الذين يتقاضون رواتبهم من المجلس العسكري سجن المئات من النشطاء الأمازيغ والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين. يضاف إلى ذلك الاضطهاد والاتهامات التي لا أساس لها، منع الحركات ذات الطابع السلمي المصنفة على أنها إرهابية، كما هو الحال مع حركة تقرير المصير في منطقة القبايل (MAK)”.

في المقابل، ذكر ذات المتحدث أنه في المغرب، حظيت الأمازيغية باهتمام كبير من طرف الدولة ومن أعلى سلطة في البلاد، الملك محمد السادس الذي أقرها في خطابه الشهير لأجدير في 17 أكتوبر سنة 2001، مشيرا إلى أنه بالرغم من مقاومة بعض التيارات في المغرب للقضية المذكورة، مثل الحكومة المحافظة للحزب الإسلامي “العدالة والتنمية” التي وضعت العراقيل في طريق الترويج لها، إلا أنها (الأمازيغية) أصبحت تتمتع بتنزيل حقيقي على أرض الواقع حيث تم تخصيص ميزانية لتطبيق الطابع الرسمي للغة داخل الإدارات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى