استعلاء “الإخوة زعيتر” وحبهم لمظاهر البذخ والترف… صناعة لنجومية سطحية أم نرجسية مرضية؟

قد يبدو استعراض المشاهير أو الفنانين أو الرياضيين أو حتى رجال الأعمال، لممتلكاتهم والتباهي بها على مواقع التواصل الاجتماعي، (قد يبدو ذلك) أمرا طبيعيا وعاديا.

وقد يعتبر الكثيرون منا أن التباهي بأغلى ما لدى هؤلاء من ممتلكات، أمر يدخل في خانة حريتهم الشخصية وأنه لا يحق لأحد منعهم من ارتكاب مثل هذه الممارسات ولا محاسبتهم ما دامت تلك الأفعال لا تضر أحدا أو تمس الآخر.

ولكن هل فعلا هذا التباهي، خصوصا المبالغ فيه، و”الفشخرة” كما يحلو القول لأشقائنا المصريين، (هل فعلا) لا يمكن أن يمس أحدا؟ وهل هذا النوع من الممارسات يدخل فعلا في نطاق التسويق الذاتي، أم أنه يمكن أن يتحول إلى جنون العظمة؟ وبالتالي إلى مرض نفسي قد يُخرج صاحبه عن جادىة الصواب، فيشكل خطرا على نفسه أولا، قبل محيطه.

ألا يمكن القول أن حب التباهي الزائد وحب الظهور بحياة البذخ والترف، دون مراعاة لشعور الآخر ولا للظروف الاجتماعية العسيرة التي قد يكون يعاني منها، (ألا يمكن القول) أنه نوع من النرجسية القاتلة، التي تدفع صاحبها إلى تمجيد شخصه وتعظيم ذاته، إلى درجة التحقير من الآخرين واستفزاز مشاعرهم؟

الإجابة حسب ما أورده علماء النفس والأخصائيين الاجتماعيين عبر العالم، هي أن النرجسية ليست نوعا واحدا، بل منها السلبي والإيجابي.

فالنرجسي الإيجابي هو الشخص الذي يكون قد حقق من النجاحات ما يستحق أن يجعله يشعر بذاته ويعتز بنفسه، فيكون قليل الكلام، كثير المهابة، أنيقا طوال الوقت، لديه كاريزما وهالة معينة حوله دائما، يشعر بالثقة بالنفس، والالتزام الصارم بالقوانين.

أما النرجسي السلبي فيُحقر من الناس ويرى أنه أفضل من الجميع، ويسخر دائمًا ممن حوله ويحب أن يكون في دائرة الضوء دائمًا. فهو يتميز بجنون العظمة وتعظيم الذات واستغلال الآخرين لتحقيق مصالحه الشخصية، وغالبًا ما يعاني من عدم قدرته على بناء علاقات شخصية ناجحة، بمجرد أن يصبح ثريا نجده يستعرض بأمواله، بغض عن النظر عن مصدر هذه الأموال ومدى القوة التي يحصل عليها من خلالها، هو فقط ينفق ببذخ حتى يظهر تأثير الشهرة، فتتركز عليه الأضواء دوما.

هذا ما نراه ونعايشه لدى العديد من الفنانين والمشاهير والرياضيين، وهي حالة من الصناعة السطحية للنجومية التي يسعون إلى تحقيقها، قد تدفعهم في كثير من الأحيان وبكثير من التهور واللامبالاة إلى تعمد استفزاز مشاعر الآخرين من أبناء وطنهم.

هذا بالضبط ما ينطبق اليوم على ما بات يعرف على مواقع التواصل الاجتماعي بـ”الإخوة زعيتر”.

يقدمون أنفسهم كـ”أبطال” رياضيين في فنون القتال المختلطة، ولكن وكما يقول أيضا أشقاؤنا المصريون: “أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب”، حيث من يتابع نشاط هؤلاء الإخوة، أبو بكر وعمر وعثمان وخالد، للوهلة الأولى، سيعتقد أن الأمر أشبه ما يكون بنشاط “الفاشينستات” وبعض “المؤثرات” على “الأنستغرام”، بعيدا عن أي منجزات حقيقية تذكر في الميدان الرياضي الذي يدعون الاحتراف فيه.

“أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب”، لأن “الإخوة زعيتر” يقدمون أنفسهم على أنهم من أسرة محافظة ومتدينة، يحبون الخير للجميع وكثيروا الذكر والدعاء، بينما أفعالهم بعيدة حد التناقض، مع قيم التواضع والتعفف والتآزر التي يفترض أن يتحلى بها أبناء أسرة كهذه، فنراهم يبالغون وبإصرار غير مفهوم في استعراض “ممتلكاتهم” من السيارات والساعات وأزهى الألبسة وتوثيق إقامتهم بأفخم الفنادق وما إلى ذلك من طائرات خاصة وسفريات متعددة الوجهات.

هي سلوكيات استفزازية، يظنون أن بواسطتها سينالون إعجاب المغاربة، في حين يكفي القيام بجولة سريعة في خانات التعليقات الخاصة بمنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لمعرفة مدى امتعاض المغاربة واستنكارهم لتصرفات “الإخوة زعيتر”.

فإلى متى سيظل “الإخوة زعيتر” يظنون أن بأفعالهم هذه سيكسبون ود ومحبة المغاربة أو حتى غير المغاربة؟ وإلى أين سيقودهم وهمهم بجنون العظمة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى