بعد رئاسته لقصر الإليزيه.. إيمانويل ماكرون يمتهن رئاسة التحرير لجميع الصحف الفرنسية

يبدو أن المقال الذي نشرته صحيفة لوموند يوم 10 من فبراير 2023 كان له هدف واحد، هو طمأنة النظام الجزائري حول موقف إيمانويل ماكرون ومعارضته وتغيير موقف فرنسا من الصحراء المغربية.

هذه المقالة التي نشرها هذا المنبر الإعلامي الفرنسي، مليئة بعناصر لغوية قدمها قصر الإليزيه، كما فعل سابقا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم أقدم على دعوة كبار المحررين بالمناير الإعلامية الفرنسية، في حفل غذاء سري من أجل تزويد الصحفيين بالعناصر اللغوية للتأثير على الرأي العام الفرنسي حول مسألة إصلاح نظام التقاعد.

وبالفعل نفذت كل من Le Monde و Le Figaro و France Inter و BFM TV و RTL و Les Echos و France Télé، الأوامر المطلوبة من قصر الإليزيه، وكأن ماكرون هو من يتحدث بصوت واحد عبر هذه المنابر الإعلامية، التي جعلت نفسها ببغاوات للسلطة الفرنسية.

ولا يمكن أيضا نسيان 1 شتنبر 2022، يوم جمع إيمانويل ماكرون سفراء الجمهورية الفرنسية وحثهم على “استخدام شبكة France Media World” من أجل التعامل مع الروايات الروسية والصينية والتركية، ليكون بذلك أول رئيس للجمهورية الفرنسية يدعو علنا إلى استخدام وسائل الإعلام من قبل جهاز الدولة لتأكيد الخط السياسي لقصر الإليزيه.

الأكيد أن ماكرون يعمل على إعطاء الإملاءات في موضوع السياسات الداخلية والخارجية للبلاد، وهو ما تبين من خلال دعوته لكبار الصحفيين لإطفاء لهيب الاحتجاجات حول نظام التقاعد، بالاضافة إلى دعوته للسفراء وتحكمه في السياسة الخارجية للبلاد عن طريق مهاجمة دول أخرى باستعمال الذراع الإعلامي الفرنسي.

فبالعودة إلى يومية لوموند، كان من المفترض أن يناقش هذا المقال الخلاف الجديد بين باريس والجزائر، بعد هروب الناشطة الفرنسية الجزائرية أميرة بوراوي من تونس، والرد الفعل الهستيري من النظام الجزائري خاصة بعد استدعاء هذا النظام لسفيرها من فرنسا من أجل التشاور، لكن على العكس فالمقال تحدث عن خطاب ماكرون أمام نظام الكابرانات، حيث تم طمأنة هذا الأخير حول سياسة ماكرون والمقياس ”الجيو سياسي” الذي يديره الرئيس الفرنسي.

وعلى ما يبدو فإن قصر الإليزيه قام بإملاء العناصر اللغوية ليومية لوموند، من أجل تأكيد «التوجه الجزائري» لماكرون الذي تعتمد على الاستثمار الضخم في التقارب مع الجزائر، مع الحفاظ على علاقة مميزة مع المغرب، لكن اليوم أصبحت العلاقة المغربية الفرنسية متوثرة، بسبب موقف باريس التي لا تبدو مستعدة لتغيير موقفها بشأن دعم مشروع الحكم الذاتي “كحل جاد وموثوق”.

الغريب أن الصحافة الفرنسية دائما ما تحاول أن تعطي دروسا في استقلاليتها والتي في الواقع متحكم فيها من طرف الإليزيه، حيث على ما يبدو ان إيمانويل ماكرون أصبح رئيس تحرير لجميع الصحف الفرنسية يملي ما يشاء ويهاجم من يشاء ويدافع عن من يشاء وقتما شاء.

وفي الأخير، يتبين أن التكريم الممنوح للرئيس الفعلي للجزائر السعيد شنقريحة من طرف فرنسا يظهر بالواضح أن إيمانويل ماكرون اختار فعلا معسكره الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى