اضطهاد داخلي قوامه إخراس الصحافيين ودبلوماسية فاشلة.. الجزائر تَنْزِفُ في صمت بسبب خروقات الكابرانات (فيديو)

في أحدث حلقات برنامجه “المراقب” المبثوث على قناته بمنصة اليوتوب، لم يخفي الصحافي والمعارض الجزائري أنور مالك تذمره مما آلت إليه الأوضاع ببلده، بسبب واقع الممارسة الصحافية المضطهدة من قبل النظام الحاكم، حيث كلما برز صوت أو رأي حر إلا ويسارع الكابرانات لإقباره عبر الزج به في غياهب السجون، ضاربين بعرض الحائط الشعارات الرنانة التي ما فتئ يتغنى بها عبد المجيد تبون من أعلى المنصات بكونه سيرعى ويحرص حرية الصحافة بالجزائر. لكن الاعتقالات المتوالية لأسرة الصحافة الوطنية، يوضح مالك، تؤكد بالملموس أننا نعيش داخل دولة عسكرية وليست مدنية.

أما الشعب وأبنائهن يتابع المعارض الجزائري المطلوب لدى نظام الكابرانات بدوره، فهو لا يعدو أن يكون سوى دواب ترتع في زريبة اسمها الجزائر، يحرس حدودها حفنة من الفاسدين الساهرين على سرقة كافة مدخراتها، وكلما اقتضت الضرورة يقذفون بأحد الخرفان في جوف النار حفاظا على استمرايتهم في مقاليد الحكم وضدا على إرادة الشعب الجزائري.

سعد بوعقبة، واحد من أكبر الصحافيين الجزائريين المتخصصين في كتابة “العمود الصحفي” يؤكد ذات المتحدث، تسلطت على رقبته مقصلة النظام الحاكم، في محاولة لإخراس صوته وكسر قلمه الناقد والمعروف بأسلوبه الساخر لتوصيف الأوضاع المزرية بالجزائر ووضع الأصبع على الجرح، وهو ما لا يستسيغه الكابرانات.

وإحقاقا للحق، يقول أنور مالك، بوعقبة تناول خلال مقاله موضوع الجدل، الواقع السياسي بولاية الجلفة، حيث أوضح بتهكم أن هناك أسباب خفية، في نظره، لاختيار أماكن إقامة المشاريع الاقتصادية، وبدأ بولاية الجلفة المعروفة بطابعها الرعوي، والتي سيقام فيها مشروع بالتعاون مع قطر لتربية الأبقار بدل الخرفان، دامجا في هذا الإطار تربية الأبقار والخرفان بعوالم السياسة بشكل ساخر، ما جر عليه سخط الكابرانات فارتأوا اعتقاله على ذمة التحقيق.

وأمام هذا الاعتقال الجائر، أشار مالك إلى أن ما قاله الصحافي سعد بوعقبة بشأن منطقة الجلفة إنما هي الحقيقة التي تزعج النظام العسكري، كون الولاية ومثيلاتها بالجنوب الجزائري شكلت على مدى سنوات خزانا انتخابيا مهما يستنزفه النظام وقت الانتخابات “المزورة” وفق ذات المتحدث، دون أن تنال حصتها من التنمية.

وعوض الانشغال بالنظرة الدونية التي يخص بها نظام تبون الجزائر وأبنائه، وهو ما عبر عنه الصحافي المعتقل سعد بوعقبة حينما استعمل توصيف “الأبقار والخرفان”، يستغرب أنور مالك، خرجت جحافل من الجيوش الالكترونية التي تسبح باسم قصر المرادية صباح مساء، لتوجه سهام نقدها اللاذع صوب بوعقبة عبر تخوينه واتهامه بالعمالة، في خطوة يراد منها إنقاذ ماء وجه الكابرانات لأن مقال الصحافي المذكور قد أصابهم في مقتل.

ولو أن المقال قد أُخْرج من سياقه، يبقى الاعتذار من شيم الكبار، يشدد المعارض الجزائري أنور مالك، فإن الصحافي سعد بوعقبة حرر اعتذارا ووجهه لأهل أولاد نايل بولاية الجلفة قائلا: “أسجل اعتذاري لكلّ من فهمني بالخطأ.. فقد أكون مسؤولا أيضًا عن هذا الفهم الخطأ، لأنّني وبعد نصف قرن من مُمارسة الصّحافة، لا يجوز لي كتابة ما يحمل التأويل!؟. مع تحياتي لكلّ أهلنا في الجلفة، وأعدكم أنّني سأزورها، وأنا على استعداد لتحمل عقوبة الإعدام شنقا، بشرط واحد، أن يُنَفّذَ بحبل مصنوع من الحَلْفَة الجَلفاوية!”.

وفي المحصلة، أعرب أنور مالك عن عميق آسفه لما تشهده الصحافة ببلاده حيث يزج بصحافي نزيه حملته الغيرة على وطنه لتحرير مقال يعدد فيه أوجه التلاعب والاستنزاف الممنهج لثرواته، بينما آخرون انخرطوا في إشعال فتيل الطائفية بين أبناء الجزائر، ثم آخرون تجرؤا على الذات الإلهية ولم تتحرك المتابعة القضائية في حقهم، بل لم ينتفض العساكر بتاتا لتصحيح الوضع.

وفي موضوع آخر، توقف ذات المتحدث، عندما تشهده علاقات الجزائر بمحيطها الإقليمي، حيث لم تترك أي بلاد إلا وخلقت معه توترات مجانية دون أن تحصد النتائج المرجوة. بل على العكس من ذلك، يؤكد أنور مالك، بلدان على غرار إسبانيا منخرطة بقوة والتزام في تعزيز علاقاتها مع المغرب، ناهيك عن تعبيرها عن دعمها للوحدة الترابية للمغرب. فعلى الرغم من كل الاستفزازات التي انخرط فيها النظام الجزائري في سبيل قطع الطريق أمام المغرب، إلا أنه حظي بدعم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتقدم يخطى حثيثة صوب استكمال مساره التنموي، بينما دبلوماسية العسكر الفاشلة لم تورث الجزائر إلا التقهقر وفتح جبهات متعددة لا تقوى أصلا على مجابهتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى