بعد هروب بن بطوش… من هم الخاسرون والرابحون من أزمة المغرب واسبانيا !؟

الكثير من المغاربة كانوا يرغبون في محاكمة مجرم الحرب المدعو ابراهيم غالي، وذلك في إطار محاكمة عادلة بدولة إسبانيا.
لكن المهم من هذا كله أن المستوى الذي وصل إليه المغرب في الجانب الاستخباراتي جعلها في مصاف الدول القوية في هذا المجال، فلولا قوة الاستخبارات المغربية لكان إبراهيم غالي سيدخل ويخرج من اسبانيا بكل سهولة، وستخرج علينا آنذاك اسبانيا بتصريحات منافقة لتشكر العلاقات المتينة بينها وبين المغرب، بينما تحت الطاولة تدافع عن أعداء الوطن.
المغرب هو الرابح الوحيد، بسبب نباهة الاستخبارات المغربية، التي وضعت كلا من اسبانيا والانفصالي إبراهيم غالي في قلب الفضيحة.
فمن يا ترى الرابح والخاسر من هذه القضية؟
–أولا: عصابة البوليساريو التي تلقت ضربات قاصمة وشوهت صورتها عالميا وضربت مصداقيتها التي كانت تكذب بها على بعض الأطراف، حيث ظهر المدعو إبراهيم غالي على أنه إرهابي ومهاجر سري يدخل ليلا ويهرب ليلا كمجرمي العصابات.
–ثانيا: تم فضح الممارسات الإجرامية داخل المخيمات، فتزوير جواز سفر مسألة كافية لتعطي لنا نوع الممارسات والأساليب التي تنتهجها جبهة البوليساريو.
–ثالثا: طريقة هروب بن بطوش من اسبانيا اعتبرها الكثيرون ب”المذلة”، لأنه كان قد أعلم القضاء الاسباني على أنه مريض ولا يستطيع الحراك، بينما أظهر قوة كبيرة من أجل الصعود إلى الطائرة، وهذا ليس من شيم الزعماء وإنما أفعال قطاع الطرق.
فالأكيد، أن الكل شاهد أن زعيم البوليساريو كان يحمل كيس تفريغ “البول”، ما يدل على انه كان مضطرا للخروج من المستشفى من أجل الهروب من اسبانيا، وهذا ما أكدته إدارة المستشفى، كون إبراهيم غالي طلب منهم الرحيل، والدليل على هذا استكماله العلاج بالمستشفى العسكري بالعاصمة الجزائرية ما اعتبره الكثيرون “إذلالا”.
–رابعا: الجزائر فضحت نفسها أمام أنظار العالم على أنها المسؤولة على النزاع المفتعل في الصحراء، ما يعني أن مجهودات ابربوتفليقة ذهبت مهب الريح، بسبب غباء تبون وشنقريحة، فالزيارة التي قام بها هذين الأخيرين بالمستشفى العسكري بالعاصمة الجزائرية، أظهرت الأهمية القصوى التي تكتسيها قضية البوليساريو المفتعلة، فالغريب أن الرئيس الجزائري دائما ما يقبع في قصر المرادية ولم يزر أبدا ولو ولاية جزائرية واحدة، بينما زار بن بطوش رفقة الجنرال شنقريحة، وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة جعلت الشعب الجزائري يقف حائرا أمام نظام نسي بأنه يحكم الجزائر وله شعب ينتظر من يسأل عنه.
–خامسا: الجزائر فضحت نفسها أمام شعبها، كونها تخسر أموالها، وباعت شرفها السياسي والدبلوماسي لاسبانيا من أجل عيون عصابة البوليساريو، حيث أظهرت بالواضح دعمها للاحتلال الاسباني وعلى أنها أداة في يد الأوروبيين، فقط من أجل معاكسة المغرب.
فما وفرته الجزائر لزعيم البوليساريو من إمكانيات لم توفره حتى لشعبها الذي يعاني الأمرين أمام غلاء المعيشة، كل هذا من أجل أن تتحكم الجزائر في مسار عصابة البوليساريو وقياداته، بدليل أن بن بطوش رفض التوقيع على استدعاء المحكمة الاسبانية حتى يتشاور مع أسياده من الجنرالات الجزائرية.
–سادسا: المخابرات الجزائرية تعتبر الأضعف من ناحية الاستخبار لأنها مخترقة، فالمشكل ليس في أن يكون نظامها مخترقا، لكن المصيبة هي عجزها عن اكتشاف مسرب خبر دخول إبراهيم غالي للأراضي الاسبانية، وهذا ما سيجعل العديد من الدول تتفادى التعامل مع الجزائر لأن نظامها الاستخباراتي مخترق، والدليل على ذلك أنه لا يوجد إلى حدود الآن أي تعاون امني اسباني جزائري.
بعض الجزائريين اعتبروا أن هروب إبراهيم غالي وعدم محاكمته وهو مريض يعد إنجازا عظيما، بينما نسوا أن المغرب لم يقدم ولو مذكرة اعتقال ضد ابن بطوش لأنه ليس بالشئ المهم للمملكة المغربية، عكس الجزائر التي رفعت في حق المدون ”أمير ديزاد” سبع مذكرات اعتقال أوروبية ودولية، ومع ذلك فشلوا في محاكمته بفرنسا، عكس المغرب وبمجرد تصريح واحد من طرف وزير خارجيته ناصر بوريطة تمت محاكمة بن بطوش وهو على فراش المرض رغم أن المحاكمة كانت مجرد مسرحية.
يشار إلى أن إبراهيم غالي لم يحصل بعد على البراءة، ولكنه هرب بعد أن أطلق القاضي الاسباني الأمر بالتحقيق دون الحجز على جواز سفره.
–سابعا: فيما يخص اسبانيا، فقد خسرت رهان التخابر، وبينت للعالم انها ضعيفة في هذا الميدان، لكونها لم تجد أي منفذ لتخرج نفسها من عنق الزجاجة، بعد سؤالها عن موقفها في سماحها لإبراهيم غالي ولوج أراضيها بهوية مزورة.
فمسألة تواجد المخابرات المغربية في مستشفى بن بطوش يمكن اعتبارها كارثة بالنسبة لاسبانيا، لأنها حاولت إخفاء هذه القضية عن المغرب.
-ثامنا: اسبانيا خسرت رهان المصداقية، فغالبية المواطنين الاسبان وبعض المسؤولين منزعجون من الحكومة الحالية، لكونها لا تحترم الاسبان وتلعب في مجالات إجرامية، فالمواطنون الاسبان صدموا بطريقة هروب زعيم البوليساريو، ما جعلهم يتحدثون حول قضية دخوله بجواز سفر مزور وهروبه من الأراضي الاسبانية ليلا.
وتساءل الرأي العام الاسباني عن سبب دعم الحكومة الاسبانية لمجرم حرب أقدم على قتل صيادين إسبان بجزر الكناري، كل هذه الأمور ضربت في صورة القضاء المستقل التي تتبجح بها اسبانيا وشوهت بمصداقية حكومة سانشيز أمام العالم.