المغرب قوة جيوسياسية صاعدة.. تقارب أمريكي ومخاوف أوروبية من تحول المملكة إلى صانع قرار مهم بالمنطقة !

تعيش الدبلوماسية المغربية على وقع متغيرات استراتيجية على الصعيدين الداخلي والخارجي، أبرزها الدور الإقليمي الذي أضحى يلعبه المغرب على المستويين الإفريقي والعربي، وذلك على ضوء ما تشهده المنطقة المحيطة به من توترات وصراعات في أكثر من بُؤرة، ما ترى فيه الرباط  تهديدا ً صريحاً لمصالحها الآنية، في ظل سياستها الجديدة في ربط العلاقات الخارجية المبنية على العمق الإستراتيجي ومبدأ رابح – رابح.

وكما هو معلوم، فالإشادة الأمريكية بالدور المغربي كشريك أساسي وحليف استراتيجي يحظى بأهمية استثنائية، تعكس الواقعية السياسية التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في التعامل مع المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، خصوصاً وأن الخارجية الأمريكية سبق لها أن عبرت عن دعمها للمفاوضات السياسية لحل ملف الصحراء تحت السيادة المغربية.

وفي هذا الإطار، يعتبر الإلتزام الأمريكي بالإتفاقيات التي تربطه بالمغرب، ضربة دبلوماسية قوية لكل المشككين في استمرار دعم الولايات المتحدة الأمريكية لمغربية الصحراء، وهو اعتراف ضمني بالقرار الذي إتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بكون الصحراء جزء لا يتجزأ من تراب المملكة المغربية، و أن مقترح الحكم الذاتي هو الحل الوحيد الكفيل بإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة.

وبفعل هذا التقارب المغربي الأمريكي، أصبحت عصابة البوليساريو تعيش في مأزق وأزمة وجودية، ما جعل جنرالات الجزائر يفكرون في إعداد استراتيجية إعلامية شعارها ” تزييف الحقائق” وذلك ضمن مخطط الإعلام الدعائي الذي تتبناه الجزائر في مثل هذه المناسبات،  من أجل الترويج لإشاعات وأخبار زائفة بخصوص ما يقع في الأقاليم الجنوبية للمغرب، و بكون أن هناك اشتباكات  بين القوات المسلحة الملكية المغربية و مرتزقة البوليساريو وذلك في محاولة يائسة منها لاستمالة الرأي العام الدولي للضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة تحت قيادة بايدن للتراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء.

لكن كل هذه المحاولات الجزائرية باءت بالفشل، وكرد على هذه التراهات الصبيانية، أعلنت المملكة المغربية عن انطلاق مشاريع تنموية واستثمارية كبرى بالأقاليم الجنوبية، كما باشرت العديد من الدول الصديقة بربط اتصالاتها مع المغرب من أجل القيام بمشاريع اقتصادية ضخمة بالصحراء، حتى يتمكن المغرب من خلق دينامية تنموية تربطه بالعمق الإفريقي.

وحسب المواقف الدبلوماسية الأخيرة للمغرب تجاه ألمانيا وإسبانيا، فإن البوليساريو وصنيعتها الجزائر أدركا أن المملكة المغربية أصبحت دولة قوية بالمنطقة، وأن موقعها الجغرافي أهم بكثير من الإتحاد الأوروبي، لأن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت المغرب في صلب اهتماماتها نظراً لما يتميز به من استقرار سياسي وقوة إقتصادية و لكونه بوابة لإفريقيا المستقبل.

ومن خلال متابعة الهواجس الأوروبية حيال الولايات المتحدة الأمريكية ، فإن صناع القرار بالإتحاد الأوروبي وخصوصاً إسبانيا وألمانيا لديهم توجس كبير بأن يتحول الصراع الأمريكي الصيني حول العديد من القضايا الكبرى إلى معركة مستقبلية على حساب القارة العجوز، التي لم تعد تغري الكثير على المستوى الإقتصادي، كما أن مكانتها السياسية والدبلوماسية في تراجع، لاسيما بعد بروز قوى أخرى لها وزن سياسي واقتصادي بشمال إفريقيا.

ورغم الخلافات السياسية والدبلوماسية التي تطفو على سطح العلاقات بين الحين والآخر، فإن الاتحاد الأوروبي يعد شريك رئيسي للمملكة المغربية، لكن تواطؤ إسبانيا وألمانيا مع أعداء الوطن جعلت الأزمة تعصف بالعلاقات مع هذه الدول، ما ينذر بقطيعة ديبلوماسية قد تمتد لسنوات.

مثل هذه الخلافات  قد تعزز فرضية بقاء العلاقات المغربية -الإسبانية – الألمانية في إطارها المتوتر، في ظل انتهاج هذه الدول لمقاربة أكثر تحيزاً للأطروحة الإنفصالية للبوليساريو، في الوقت الذي تواصل فيها حربها الضروس ضد مصالح المغرب عبر وسائل الإعلام وذلك  بافتعال قضايا جانبية لإجباره على تقديم تنازلات فيما يخص قضية الصحراء، وبالتالي تقزيم نفوذه بالمنطقة لفرض واقع جيوسياسي جديد.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى