ممنوعة من ولوج التراب الفرنسي وتتلقى الخبر كغيرها عبر صحافة ماكرون.. ناشطة كاميرونية تفضح الوجه القبيح لفرنسا بلد الحريات والديمقراطية (فيديو)

تفاجأت الناشطة السويسرية ذات الأصول الكاميرونية ناتالي يامب، من قرار السلطات الفرنسية بخصوص منعها من دخول فرنسا والإقامة فيها، على خلفية اتهامها بشن حملة هجوم الكترونية على التواجد الفرنسي بالقارة الإفريقية.
واستنادا لما كشفت عنه إذاعة فرنسا الدولية RFI، فقد صدر القرار شهر يناير المنصرم، ولم يتم إخطار المعنية بالأمر إلا أواسط شهر أكتوبر عبر مرسوم وزير الداخلية الفرنسي، أي بعد مضي حوالي تسعة أشهر على اتخاذ هذا القرار التعسفي في حق مواطنة إفريقية، تكفل لها جميع المواثيق الدولية، بما فيها الفرنسية، أن تعبر عن رأيها في السياسات الخارجية التي تنتهجها الدول في تعاطيها مع القارة الإفريقية شعبا وثروات.
وبالعودة إلى صلب الجدال، فقد وجهت السلطات الفرنسية تهمة تشجيع استخدام العنف عبر شبكات التواصل الاجتماعي ضد رموز التواجد الفرنسي في القارة الإفريقية.
وتعليقا على هذا القرار الجائر، أوضحت الناشطة الكاميرونية، أنها لم تتلقى وقت صدور القرار أي نص رسالة في الموضوع علما أن السلطات الفرنسية تعرف جيدا عنوان مسكنها. فضلا عن ذلك، فماكرون ومخابراته لم يدخرا جهدا في إمطارها بالتهديدات والوعيد بالقتل وبعث رسائل مجهولة المصدر لأقربائها ثم إغلاق حساباتها البنكية. لكن، تتابع ذات المتحدثة، حينما تعلق الأمر بإطلاعها وجوبا على قرار منعها من دخول فرنسا أو حتى الإقامة فيها فقد تم التعامل معها باحتقار وازدراء كبيرين.
وفي ذات السياق، توجهت يامب بكلامها إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالقول: “هل تعتقدون أن منعكم لي من ولوج التراب الفرنسي قد يجعلني أتراجع عن الحديث عن فرنسا؟ ثم بأي حق تتخذون هكذا قرار في حقي؟ هل أنا مجرمة خطيرة أو لي ارتباطات إرهابية بجهات متطرفة مثلا؟ أم أن آرائي المزعجة عن بلدكم ذي النزعة الاستعمارية المستمرة إلى يومنا هذا يرفض جملة وتفصيلا أن أنادي بتحرر قارتي الإفريقية من السطوة الفرنسية؟ فدخولي لبلدكم من عدمه سيان بالنسبة لي، لكن بالمقابل هي ضربة قد تقسم ظهر السياسات الفرنسية المتبعة في حق القارة السمراء على المدى البعيد.
ورب ضارة نافعة، تستطرد المتحدثة من أب كاميروني وأم سويسرية: ” أشكرك يا إيمانويل ماكرون على هذه الدعاية الإعلامية المجانية التي حظيت بها بسببكم. ولتعلم فحتى عندما حصلت على منحة من الحكومة الكاميرونية لمتابعة دراستي، لم أختر فرنسا بل توجهت مباشرة إلى ألمانيا. فلم يسبق لي أن أقمت أو حتى اشتغلت بفرنسا، ما يعني أن قراركم لم ولن يؤثر علي وأنا المواطنة المزدوجة الجنسية، في إشارة منها إلى أنها سويسرية من أصول كاميرونية “.
وبالحديث عن ما قد يجنيه المرء إذا ما حظي برضا ماكرون وسلطات بلاده، تقول يامب بنبرة ساخرة: “هل سبق لأحدكم أن رأى مواطنا سويسريا يبذل الغالي والنفيس لدخول التراب الفرنسي؟ أوا نسيت يا ماكرون أن مواطنيك يهرعون لسويسرا هربا من جحيم الرواتب الفرنسية الهزيلة، وطمعا في تحسين مستواهم المادي؟ فلا حديث بين السويسريين إلا عن جشع وطمع وانتهازية الفرنسيين المتواجدين فوق التراب السويسري. إن الفرنسيين شعبا وحكومة قد توقف بهم الزمن في حدود الحقبة الاستعمارية ولا يستطيعون تجاوزها، بحيث يصنفون أنفسهم فوق الجنس البشري، لاسيما الإفريقي.
والحال كذلك، تشدد ناتالي، لا يقتصر الأمر على الأفارقة وحدهم، فقد باتت فرنسا مكروهة من قبل جملة من الدول، على غرار روسيا والصين وتركيا من فرط حالة العنصرية والازدراء التي تقابل بها بعض الشعوب.
وإمعانا في تشنيف مسامعه بما يٌوجعْ، صعقت الناشطة السويسرية إيمانويل ماكرون بالقول : “هل تعتقدون سيادة الرئيس، عبثا أن فرنسا لازالت محط جذب لأحد في الوقت الحاضر؟ كيف يمكن ذلك في ظل ارتفاع نسبة البطالة وتعثر الإمداد بالطاقة، ثم اقتتال الفرنسيين بغية تعبئة سياراتهم بالبنزين، ناهيك عن دخول البلاد في موجة إضرابات صباح مساء. هذا دون الحديث عن الحكومة الفرنسية التي تضم بين ظهرانيها حفنة من الفاسدين والمغتصبين”.
فرنسا المهووسة بتسويق صورة مزيفة عن واقعها اليومي، لم تدخر الناشطة المذكورة جهدا في تعرية وجهها القبيح، حيث شوارع باريس تضج بالفئران والصراصير وتكاثر أحياء الصفيح بهوامش المدينة.
وخلصت المتحدثة، إلى اعتبار القرار المتخذ في حقها من طرف السلطات الفرنسية، إلى أنه يترجم حالة من الفوضى التي تعيش على وقعها البلاد. هل يستحق هدا القرار أن تتعبأ له فرنسا حكومة ورئيسا في مواجهة سيدة إفريقية تعبر عن مواقفها بشكل سلمي وحضاري دون أن يكون لها توجه سياسي أو تحيز لجهة ما؟.
فقد انتهى عهد إقبال العالم على فرنسا للدراسة والعمل أو حتى قضاء الإجازات. اليوم أصبحت فرنسا تستنجد بإفريقيا حفاظا على مصالحها داخلها. فحتى سياسة الإذعان والتمييز التي تنتهجها هذه الأخيرة في منح الـتأشيرات لمواطني القارة الإفريقية، لم تعد تخفى على أحد. لهذا، أصبح واجبا أكثر من أي وقت مضى أن تتعامل إفريقيا مع الأجانب الوافدين عليها بنفس المنوال، إعلاء لشأن القارة ولسياسات الهجرة نحوها. أكثر من ذلك، فرنسا بمؤسساتها وجيشها وحتى لغتها غير مرحب بهم بإفريقيا، سيرا على نفس النهج الذي اقتضى منعي من دخول التراب الفرنسي”.
ويشار أن ناتالي يامب البالغة من العمر 52 عاما، تعد واحدة من أكثر الناشطات شراسة وملاحقة من قبل فرنسا في إفريقيا. تلقب نفسها على موقعها الإلكتروني بـ “سيدة سوتشي”، في إشارة إلى خطابها الشهير خلال أول قمة روسية إفريقية، عقدت سنة 2019 في منتجع ساحلي بمدينة “سوتشي” المطلة على البحر الأسود.
هذا القرار لم يكن ليمر مرور الكرام، فقد تفاعل رواد منصات التواصل معه، بحيث اعتبر العديد منهم أن المعنية بالأمر هي الأكثر استحقاقا لأن يرشح اسمها ل”جائزة الصحافة المستقلة لعام 2022″، لكونها تحمل على أكتافها هم الدفاع عن قارة بأكملها، ووقفت في وجه القوى الاستعمارية الكلاسيكية، التي لا ترى في إفريقيا إلا بقرة حلوب وجب استنزاف خيراتها حتى آخر رمق. إلا أن صناع الجائزة المذكورة، لهم رأي آخر، بحيث يصنعون من المغتصبين أمثال عمر الراضي أمثلة يسوقون لها ويقتذى بها بل ترشح لنيل الجزائر والتكريمات لقاء دفاعها عن خرق القوانين تحت يافطة الحرية المفترى عليها.