بداية واعدة لاعترافات جديدة من بلدان أمريكا اللاتينية.. هذه دلالات قرار البيرو سحب اعترافها بـ “البوليساريو”

انتكاسة جديدة لجمهورية الوهم، إثر مكالمة هاتفية بين وزير خارجية البيرو ميغل رودريغيز ونظيره المغربي ناصر بوريطة، أقرت بعدها مباشرة البيرو، ضمنيا، بمغربية الصحراء، وبقطعها لعلاقاتها مع عصابة البوليساريو، وذلك بهدف تعزيز العلاقات السياسية بين ليما والرباط وأيضا تشمل تعاونا فعالا في كل من المجالات الاقتصادية والتجارية والتعليمية إضافة إلى الزراعية والطاقوية.

وبادل المغرب قرار وزراة الخارجية البيروفية، بترحيب بهذا الأخير الذي سيفتح صفحة جديدة في العلاقات بهذا البلد، حيث أصدرت المملكة بلاغا رسميا يشيد ويقدر ما أقرته البيرو، معتبرة أنه سيمكن هذين البلدين من تعميق التشاور السياسي وتعزيز التعاون القطاعي.

ويمكن القول أن المجهودات الحثيثة للديبلوماسية المغربية لم تذهب أدراج الرياح، لتتوج باعترافات العديد من الدول بمغربية الصحراء، وليسحب بساط اعتراف البيرو من ميليشيات الوهم، لتعبر ليما مجددا عن احترامها للوحدة الترابية للمغرب وسيادته على أراضيه وكذلك لمخطط الحكم الذاتي، آخدين بعين الإعتبار إنعدام العلاقات الثنائية الفعلية بينها وبين البوليساريو.

وقد جاء هذا القرار إنسجاما مع الشرعية الدولية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على الإحترام الكامل  للوحدة الترابية للدول الأعضاء، ودعما لمجهودات الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن للتوصل إلى حل سياسي وتوافقي للنزاع المفتعل حول الصحراء حسب ما جاء به بلاغ البيرو.

ووفق آراء بعض المحللين السياسين، فإن قرار سحب الاعتراف ودعم السيادة المغربية من حزب يساري راديكالي في البيرو، يعد وعيا من اليسار بضرورة تبني مواقف معتدلة وواقعية، ما يعني أن اليسار الحالي مختلف عن يسار بداية القرن 21 والذي كان محكوما بأفكار الاشتراكية وإديولوجية الحرب الباردة والذي اعترف فيما مضى تحديدا سنة 1984 بالكيان الوهمي ليسحبوا  في سنوات التسعينيات ذاك الاعتراف.

وعلى خلاف بعض دول أمريكا اللاتنية التي مازالت متشبتة بمواقفها اليسارية الراديكالية، كفنزويلا ونيكاراغو والتي تحتاج إلى مجهودات ديبلوماسية مغربية كثيرة، فإن موقف البيرو التي تمت مراجعته في أقل من سنة، جاء كرغبة في الإستماع إلى الطرح المغربي وكذلك إلى التعاون الإقتصادي بين البلدين، خاصة أن اقتصاد البيرو يُعتبر الخامس في ترتيب اقتصادات أمريكا اللاتينية.

وقد أجمع آخرون على أن قرار البيرو بسحب اعترافها بالجبهة الإنفصالية في هذا التوقيت، مرده إلى انعدام العلاقات الثنائية بينهما ليضرب بهذا عمق الأطروحات المغلوطة ببلدان أمريكا اللاتنية ويدحض كل ادعاءات اليسار الراديكالي الذي لازال حبيس المرجعيات الإديولوجية الغير متجددة والتي تعود إلى فترة الحرب الباردة، المستمدة لقوتها من العداء للأنظمة الليبرالية والنيوليبرالية ودعم الأطروحات العرقية، ظنا منها أنها جمهورية قائمة بذاتها في الأقاليم الصحراوية متجاهلين أن المغرب هو من وضع ملف فض الإستعمار الإسباني لدى الأمم المتحدة.

وبهذا فإن بيان البيرو الداعم للوحدة الترابية المغربية ولمقترح الحكم الذاتي، يعتبر تصريحا يفتح أبوابا للنقاش على مستوى القارة، حيث يمكن للمغرب المشاركة فيه من خلال ديبلوماسيته التي أضحت أكثر دينامية في العقد الأخير، ويمكننا التشديد هنا على ضرورة تعيين مسؤولين ديبلوماسيين مغاربة ذوي خلفيات يسارية أكثر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى