دولة ألمانيا تقدم الدروس اليوم وتشن حربا على معاداة السامية

يبدو أن ألمانيا نسيت تاريخها الأسود القائم على إبادة اليهود، في أفظع حدث تاريخي عرفته البشرية، “محرقة الهولوكوست”، حيث تم استخدام مراكز القتل الجماعي، المعروفة ب “معسكرات الاعتقال” لتنفيذ القتل المنهجي لحوالي 6 ملايين يهودي أوروبي.

اليوم وأنت تتابع تغطية الإعلام الأوروبي عموما والألماني خصوصا، تتكون لديك قناعة راسخة كمتابع لما يجري من مواجهات دامية بين فلسطين وإسرائيل، أن ألمانيا تتعامل مع العالم كمريض زهايمر يرفض عقله الباطن أن يتذكر شقا هاما من حياته. كيف لا والوضع يناسب جيرمانيستان الجديدة، التي تناست أن كره اليهود أو ما يصطلح عليه بمعاداة السامية، هي صناعة أوروبية متأصلة تعود إلى العصور القديمة حتى قبل عهد أودلف هتلر، الأب الروحي للنازيين.

إنصافا للتاريخ.. المنشأ الحقيقي لمصطلح معاداة السامية

كما أسلفنا سابقا، معاداة السامية ظهرت في أوروبا قبل أن يتقلد هتلر مقاليد الحكم في ألمانيا. فقد نال اليهود في أوروبا إبان العصور الوسطى شتى أنواع التنكيل والاحتقار، بدءا من حرمانهم من المواطنة الكاملة والحريات المدنية، مرورا بعرضهم على محاكم التفتيش آنذاك إذا مارسوا شعائرهم الدينية أو أطلقوا أسماء عبرية على أبنائهم، وصولا إلى الدعوة من قبل الراهب الألماني مارتن لوثر إلى حرق  الكنائس اليهودية ومنع الحاخامات من مزاولة عملهم تحت طائلة التهديد بالإعدام في حالة عدم الامتثال.

بمنطق “ما بقى ما يتخبى” ألمانيا تجهر بعنصريتها تجاه اليهود، عبر إقرار قوانين نورمبرغ عام 1935، التي شكلت وجه ألمانيا القبيح في التمييز بين البشر على أساس العرق والنسب. بمقتضى هذه القوانين العنصرية نجح النازيون داخل المجتمع الألماني في ترسيخ أهم تشريعاتها وهو “قانون حماية الدم الألماني والشرف الألماني” والذي ألغى مواطنة اليهود كونهم أبناء عنصر آخر ومنعهم من الاختلاط اجتماعيا مع الشعب الألماني.

العداء الألماني لليهود لم يقف عند هذا الحد، بل تطور واتخذ أساليب أكثر قسوة على عهد هتلر، الذي لم يدخر جهدا لإيجاد “الحل النهائي” لـ “المشكلة اليهودية” كما كان يحلو له تسميتها. لكن ألمانيا التي تحاول جاهدة التخلص من إرث هتلر، مصرة على قلب الحقائق التاريخية وقذف جمرة العداء تجاه اليهود في مرمى الدول العربية، حتى يتأتى لها إخراج هذه الورقة الرابحة متى ما دعت الضرورة إلى ذلك.

جيرمانستان الجديدة.. مساحيق إعلامية لتجميل وجهها وتستر فاضح على معادين للسامية

على ضوء ما يجري حاليا من انتفاضة ودعم للشعب الفلسطيني في مواجهة الغارات الإسرائيلية عليه، خرجت ألمانيا في شخص وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، بقرار تُطْلعٌ الرأي العام من خلاله على أنها تنوي إنزال عقوبات صارمة، في حق كل من أبدى معاداة للسامية على أراضيها، في إشارة منها لنزول آلاف الأشخاص إلى شوارع المدن الألمانية يوم السبت المنصرم، للتعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين.

لكن، في الوقت الذي انتظر فيه الكل أن تخرج الحكومة الألمانية بموقف واضح وصريح، أسوة بباقي الدول الرافضة للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والفلسطينيين في القدس، فضل مسؤوليها التواري خلف مصطلح معاداة السامية، ذي المنشأ والهوى الألماني، واكتفت بالقول “برلين لا تقف صامتة إزاء ما يجري في القدس، بل تتواصل مع شركائها في المنطقة“. (المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، كريستوفر برجر).

سياسة التعاطي بانتقائية مع القضايا المصيرية للشعوب، تظهر بجلاء من خلال بلاغ شديد اللهجة تلقاه صحافيو القناة الألمانية DW، بخصوص كيفية التعاطي الإعلامي مع الأحداث التي تجري بين إسرائيل وفلسطين، والذي ينم عن طرح أحادي الجانب للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤداه إعلاء كفة الجانب الإسرائيلي على حساب الجانب الفلسطيني. وهو ما يؤكد اليوم، أن حرية الصحافة داخل دولة ألمانيا الاتحادية لا تعدو أن تكون سوى أصل تجاري، تستعمله هذه الدولة متى ما بدا لها مناسبا للنيل من دول كان لها الفضل ذات يوم في تجنيب الشعب الألماني مجازر إرهابية.

لكن تحركات ألمانيا بخصوص ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس بغريب عنها، لأنها ألفت أن تتنكر للتاريخ وللحقائق الجغرافية ولأصحاب الأرض الحقيقيين. حتى باتت تغريها ملفات تقزيم الوحدة الترابية للدول.

الشاهد على ذلك، أن ألمانيا لم تتوانى للحظة في وصف دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم ب ” الإرهاب”،  غافلة عمدا أو سهوا عن قنبلة موقوتة تعيش على أراضيها، وتقتات من أموال دافعي الضرائب الألمان، في سبيل أن ينال “حاجبها الإرهابي” من بلاده ومؤسساتها الدستورية.

أي موقف قد تتبناه ألمانيا المعادية اليوم لكل من يعادي السامية في مواجهة الإرهابي محمد حاجب؟؟ هل أخذت ألمانيا علما بكمية الحقد والغل اللذين يحملهما حاجب في قلبه تجاه اليهود؟؟ هل نشهد في القادم من الأيام يقظة غير مسبوقة للأجهزة الأمنية الألمانية في تعاملها مع معاداة محمد حاجب للسامية؟ أيعقل أن تباشر ألمانيا مسطرة العقوبات الصارمة بخصوص معاداة السامية على أراضيها التي كشف عنها وزير داخليتها وتحاسب محمد حاجب؟؟ ثم من أين للإرهابي محمد حاجب بالأريحية التي يتحرك بها داخل مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل تابع حاجب الألماني الجنسية ما تعتزم القيام به ألمانيا تجاه المعادين للسامية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى