بعد إعلان اختراق هاتف سانشيز.. لماذا سارع الإعلام الفرنسي إلى اتهام المغرب؟
“طاحت الصَّمْعة علّْقوا الحجام” أو بالأحرى طاحت الصَّمْعة علّْقوا المغرب”، هي العبارة المغربية الشعبية التي يمكن أن نصف بها الجدل الإعلامي القائم حاليا، بشأن الكشف عن تعرض هواتف رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، ووزيرة دفاعه مارغاريتا روبلس للتجسس عبر برمجية بيغاسوس.
بتاريخ 2 ماي 2022، أعلن وزير شؤون رئاسة الوزراء، فيلكس بولانيوس، أن هواتف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ووزيرة الدفاع مارغاريتا روبلس تعرضت لعمليات تنصت “خارجية” و”مخالفة للقانون” بواسطة برمجية بيغاسوس الإسرائيلية، في الفترة ما بين ماي ويونيو من سنة 2021، دون الكشف عن الجهة المتورطة في ذلك، إلا أن بعض الأوساط الإعلامية المعروفة بعدائها للمغرب، وعلى رأسها الفرنسية منها، كان لها رأي آخر، حيث قررت توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى المغرب، مرة أخرى، دون تقديم أي دليل على ذلك.
ويتعلق الأمر هنا أساسا بصحيفة “لوموند” وإذاعة “فرانس أنفو” التابعة للقطب العمومي الفرنسي، اللتين سارعتا -بعد وقت قصير من إعلان وزير شؤون رئاسة الوزراء الإسبانية- إلى تبني فرضية واحدة ووحيدة، وهي اتهام المغرب بكونه الواقف وراء عملية اختراق هواتف بيدرو سانشيز ووزيرة دفاعه مارغاريتا روبلس، عبر استخدام برنامج “بيغاسوس”.
فالإعلام الفرنسي المذكور، قرر أن يظل وفيا لنفس الأجندة التي انخرط فيها منذ حوالي سنة ضد المغرب بشأن قضية بيغاسوس دون تقديم ولو دليل مادي واحد على ادعاءاته، في الوقت الذي لازالت الأوساط السياسية الإسبانية نفسها متخبطة في تحديد الجهة المتورطة في التجسس على صناع القرار في إسبانيا، حيث اكتفت بالقول أنه تجسس “خارجي”، دون حتى أن تقدم تلميحات أو احتمالات معينة.
وفي الوقت الذي كشفت تقارير إعلامية أن الإعلان عن اختراف هواتف سانشيز ووزيرة دفاعه في هذا التوقيت بالذات، ما هي إلا محاولة من الحكومة الإسبانية لذر الرماد في العيون بعد تورطها في فضيحة التجسس على أكثر من 60 شخصية مرتبطة بالحركة الانفصالية الكاتالونية كانوا أهدافا لبرامج “بيغاسوس” بعد محاولة فاشلة للاستقلال في عام 2017، اختار الإعلام الفرنسي إياه، غض الطرف عن هذه القضية، وعوض ذلك، قرر توجيه مدفعيته بالكامل نحو المغرب بالتحديد، في محاولة اعتبرها البعض محاولة لتبرئة جهاز الاستخابرات الإسباني (مركز المعلومات الوطني CNI) من التجسس على قياديين في الحركة الكاتالونية.
تحامل هذا الإعلام الفرنسي ضد المغرب، الموظف من طرف الدوائر العميقة بفرنسا، وتحديدا المخابرات الفرنسية، يطرح أكثر من علامة استفهام بشأن دوافع هذه الأخيرة وحول ما إذا كانت تسعى إلى تقديم موسم ثاني لحملة “فوربيدن ستوريز”، للنيل من الأجهزة الأمنية المغربية، بعد فشلها في حملاتها السابقة، وتمكن المغرب من فضح خلفيات الحملة التي تعرض لها من قبل.
وجدير بالذكر أن هذا التحامل يأتي بالتزامن مع ما كشف عنه المدير العام لشركة “NSO” الإسرائيلية، حيث سبق وأكد في تصريحات متواترة أن العديد من الدول الأوربية تتوفر على برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي طورته، وخص بالذكر أساسا إسبانيا وألمانيا، ما دفع الإعلام الإسباني لالتزام الحذر في اتهام جهة بالتورط في التنصت على المسؤولين الإسبان، خلافا لما سارع إليه الإعلام الفرنسي ضد المغرب.



